القدس المحتلة ـ ناصر الأسعد
وصل الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى الكيان الإسرائيلي، ظهرالأربعاء، في مستهل زيارة رسمية إلى الشرق الأوسط، هي الأولى له في ولايته الرئاسية الثانية، تستمر حتى الجمعة، وتتضمن الجولة أيضًا زيارة إلى رام الله في الضفة الغربية للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وكذلك زيارة إلى الأردن للقاء العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، وسط تحذيرات من حكومة غزة من زيارة أوباما للمسجد الأقصى. وجرت في مطار "بن غوريون" الدولي مراسم استقبال رسمية، حضرها رئيس الكيان شمعون بيريز، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وكبار المسؤولين، فيما سيجري عرض للمنظومات الإسرائيلية / الأمريكية المضادة للصواريخ والقذائف الصاروخية "القبة الحديدية". وأكد الرئيس الأمريكي باراك أوباما في كلمة ألقاها مقتضبة في مطار "بن غوريون"، الأربعاء، التزام بلاده بالوقوف إلى جانب إسرائيل، وقال أمام الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والمئات الذين اصطفوا لاستقباله "أحتفل معكم بمرور 65 عامًا على قيام دولة إسرائيل". وأعرب أوباما عن افتخاره بكون الولايات المتحدة "أقوى حليف لكم"، وأكد أن اختيار إسرائيل لتكون المحطة الأولى لأول زيارة خارجية في فترته الثانية أمر له مغزى، وقال "إن سبب متانة العلاقات بين الجانبين هو أننا نتشارك قيم الحرية والديمقراطية، ونعمل لأن نكون دائمًا في المقدمة، الولايات المتحدة تقف إلى جانب إسرائيل، لأنها واحدة من مصالحنا الوطنية". وأضاف أوباما أن التحالف بين الولايات المتحدة وإسرائيل أبدي، مشددًا على أن "السلام يجب أن يأتي إلى الأراضي المقدسة، ولن نفقد الأمل برؤية إسرائيل في سلام مع جيرانها"، وأضاف "تحالفنا أبدي، إنه للأبد". من جانبه، أكد الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز على جهود الولايات المتحدة في دعم إسرائيل على مدى السنين الماضية، وقال بيريز، عقب وصول الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى إسرائيل، الأربعاء، "نحن نشكر الرئيس الأميركي على كل الجهود التي بذلها، وعلى الآمال التي يَحملها في جعبته"، مضيفًا "إن أميركا وإسرائيل قد يكونان لهما رؤيتان مختلفتان، لكنهما يسيران في الإتجاه نفسه". وأشارت الإذاعة الإسرائيلية إلى أن أوباما سيجتمع، عصر الأربعاء، في مقر "رؤساء إسرائيل" في القدس المحتلة، مع رئيس الكيان الإسرائيلي شمعون بيريس، ثم يلتقي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ومن ثم يعقد مؤتمرًا صحافيًا مشتركًا. وذكرت الإذاعة أن صناع القرار في إسرائيل سيبحثون مع الرئيس الأميركي خلال الزيارة الملف النووي الإيراني، الذي يولونه أهمية كبرى، إضافة إلى قضية مخزونات الأسلحة في سورية، والعملية السياسية مع السلطة الفلسطينية. وسيقوم نحو 15 ألف شرطي بمهام الحراسة والحفاظ على النظام العام، أثناء زيارة أوباما لدولة الكيان الإسرائيل المحتل، فيما سيتم إيقاف حركة السير من مطار "بن غوريون" الدولي وحتى مشارف القدس المحتلة. إلا أن الزيارة المرتقبة للرئيس الأميركي لفلسطين يقابلها قليل من التفاؤل فيما يتعلق بعملية السلام، كونه لا يحمل في جعبته خطة واضحة، لاسيما في ضوء عدم استعداد نتنياهو لتجميد بناء المستوطنات، حيث تتزامن الزيارة مع حديث عن رغبة الولايات المتحدة الأميركية في إعادة تحديد مصالحها الاستراتيجية في المنطقة، على قاعدة تحالفات ربما تكون مع حركات "إسلامية" معتدلة على حساب تلك المتطرفة، ولأن القضية الفلسطينية تظل لب الصراع في المنطقة، فلا مناص من محاولة إعادة إحياء عملية المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لضمان الهدوء على هذه الجبهة. ومن المقرر أن يزور أوباما رام الله ليلتقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس وزرائه سلام فياض، بعد لقاء الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز ورئيس وزرائه بنيامين نتنياهو في القدس. ووصف الرئيس الأميركي زيارته بأنها ذات طابع استكشافي، ما خفض من سقف توقعات الفلسطينيين بشأن نتائجها، عاد وغيّر من جدول أعماله، حيث سيلتقي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي مرتين، قبل وبعد لقائه مع الرئيس الفلسطيني أبو مازن، ما يعني أن هناك محاولة أميركية لتقريب وجهات النظر، ولنقل رسائل بين الطرفين، الفلسطيني والإسرائيلي، قد تنتهي بلقاء ثلاثي. من جانبها ، نظمت مجموعات شبابية فعاليات مناهضة لزيارة أوباما، تخللها إحراق وتمزيق ودوس على صورته بأقدامهم وتحت عجلات السيارات، تنديدًا ورفضًا للانحياز الأمريكي للاحتلال الإسرائيلي. وحذرت الحكومة الفلسطينية المقالة في قطاع غزة، من مغبة زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما للمسجد الأقصى، معتبرة أياها "محاولة لإضفاء شرعية زائفة للاحتلال على المسجد، ومساس بمشاعر المسلمين في فلسطين ومختلف أنحاء العالم." ودعت الحكومة، في بيان في ختام اجتماعها الأسبوعي في غزة، إلى "عدم رفع سقف التوقعات من زيارة الرئيس أوباما إلى المنطقة بالنسبة للحق الفلسطيني،" وأضافت أن "مقدمات الزيارة تشير أنها تكريس للاحتلال وتعزيز للعلاقات الثنائية الأمريكية مع الكيان الصهيوني." واعتبرت حكومة غزة أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة التي شكلها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليست سوى "امتداد لحكومات اليمين، بل تزداد تطرفًا، وتقوم على توسيع الاستيطان ومصادرة الأراضي وفرض العقوبات الجماعية والتعسفية ضد أبناء الشعب الفلسطيني". وتأتي زيارة أوباما إلى منطقة الشرق الأوسط وسط أوضاع ساخنة على محاور عدة، في مقدمتها النزاع في سورية، إلى جانب الملف النووي الإيراني وعملية التسوية الفلسطينية/الإسرائيلية المتعثرة منذ نحو ثلاثة أعوام تقريبًا. وأبرزت الصحف الإسرائيلية زيارة الرئيس الأميركي لإسرائيل تحت عناوين بارزة مثل "الرئيس الزائر سيحاول فتح صفحة جديدة مع نتنياهو، لتنسيق المواقف تجاه إيران وسورية"، و"مستشارو أوباما يقولون أن الجزء الأهم في الزيارة، خطابه أمام الطلبة اليهود،" و"قيمة المساعدات الأميركية لإسرائيل منذ إقامتها بلغ 860 مليار شيكل"، وغيرها من العناوين. وفي السياق ذاته، أشارت صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية إلى أنه "لدى الرئيس الأميركي باراك أوباما الكثير لتعويضه عند وصوله إلى إسرائيل، في أول زيارة له للدولة اليهودية، منذ دخوله البيت الأبيض"، لافتة إلى أن "أوباما بدأ رئاسته قبل أربعة أعوام وسط آمال كبيرة بأن يحمل ثمارًا للمنطقة التي تعيش نزاعًا مزمنًا، لاسيما بعد خطابه في القاهرة، الذي دعا فيه إلى بداية جديدة في علاقات واشنطن مع العالم العربي"، ورأت أن "أيًا من هذه الآمال لم ينجز، وهدف أوباما الآن إقناع القادة الإسرائيليين والفلسطينيين لتحقيق اتفاق سلام". هذا، وقد أشارت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية إلى "الدلالة الرمزية لزيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لإسرائيل"، لافتة إلى أن "هذه الزيارة تشكل فرصة كبيرة لإعادة بناء الثقة بين إسرائيل والولايات المتحدة، بعد أن توترت بشكل خطير في لحظة حرجة في الشرق الأوسط، تتوالى فيها الأحداث، كالحرب الأهلية في سورية، والمواجهة مع إيران بشأن برنامجها النووي، وعدم الاستقرار في مصر والعراق"، وأوضحت أنه "لا يمكن توقع أن تحقق زيارة أوباما التي ستستمر ثلاثة أيام الكثير من التقدم بالنسبة لحل الدولتين، أو تغيير تردد البيت الأبيض في تسليح المعارضة السورية، ولا حتى القضية التي تقع في مقدمة اهتمامات البلدين، وهي هل سيكون ثمة إنذار جديد لطهران بشأن برنامجها النووي"، مشيرة إلى أن "انخفاض سقف التوقعات من هذه الزيارة سيقدم فرصة لأوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لبناء علاقة أفضل، بعد فضاء الضغينة، الذي هيمن على فترة رئاسة أوباما الأولى، وأدى إلى أن يشير نتانياهو بوضوح إلى أنه يفضل فوز ميت رومني في الانتخابات الرئاسية الأميركية".