إذاعة الراديو

على مدار ما يزيد على 42 عاما اعتمد المواطنون الأفغان على إذاعة الراديو الوطنية لدولتهم، في التعرف على أسماء ضحايا ما مروا به من انقلابات وغزو وحروب ونزاعات مسلحة لا نهاية لها.وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز" قصة مذيع الراديو الأفغاني "محمد أغا ذكي"، 62 عاما، الذي اشتهر بكونه مناديا إذاعيا بأسماء الموتى لمدة عقود، مؤكدة أن ذكي يعمل لدى الإذاعة الأفغانية لأكثر من 42 عاما، منذ أن كان متدربا في عامه العشرين، مشيرة إلى أنه خلال هذه العقود، كان محمد أغا يجلس داخل غرفة الإذاعة الرئيسية، ينتظر وصول مساعده وبديله في بعض الأحيان، ضياء الدين عزيز، للدخول عليه بالأسماء الذين تأكدت وفاتهم ليتم بث أسمائهم في فترات محددة من اليوم.
وكان كشف أسماء المتوفين المحدث، يأتي به ضياء الدين لـ"ذكي"، نقلا عن العامة وأبناء الشعب الأفغاني والمسؤولين ضمن فرق المقاومة، ويسلمه يدا بيد لأغا ليقوم بإذاعته، حيث قالت الصحيفة إنه كانت تمر أسابيع على ثنائي الإذاعة دون أن يتلقوا أسماء متوفين جدد، وكان يصل معدل أسماء المتوفين التي تصلهم لـ4 على مدار 40 يوما.


ويقول أغا إنه يتذكر غالبية الوفيات التي أعلن عنها في هذا الاستوديو الاذاعي، والتي كان منها إعلانه عن مقتل رئيس أفغاني كان مدعوما من قبل الشيوعيين في عام 1979، وفي ذلك الوقت، حضر أحد الممثلين عن أحد الاحزاب الأفغانية وأملاه ما كان يجب عليه إذاعته.


وأضاف أغا: "كنت في هذا الاستوديو الإذاعي حين سقط النظام السوفيتي، وعادت فصائل العصابات الأفغانية للتناحر من جديد، وفوجئت في ذلك الوقت بأكثر من 20 عنصرا من عناصر إحدى العصابات يقتحم علي المحطة، وفي إحدى المرات، اقتادني أحد هذه العناصر من المحطة وقام بوضعي أمام كاميرات لبث تليفزيوني، حين فشلوا في إيجاد مذيع تقليدي لقراءة أخبار الساعة الثامنة صباحا".


وتابع: "هذه الفصائل تدرك أن من يستحوذ على هذه المحطة، يحصل في يده على القوة المطلقة، وهذا ما تمثله من أهمية"، موضحًا أن عملية إذاعة أخبار الوفاة للأشخاص عبر إذاعته كانت تتشابه في نصها دائما، حيث كانت تبدأ الديباجة بتوجيه التعازي لأسرة الفقيد، مع إضافة بعد التشويق وختام البيان بذكر اسم المتوفى، والمكان والطريقة التي قتل بها، والمكان الذي سيدفن به، وفي حال كان المتوفي سيدة، لا يتم ذكر اسمها، ويتم الإشارة لها بأنها كانت زوجة السيد فلان أو ابنة السيد فلان، أو والدة السيد فلان.
وأشار أغا إلى أن طول نص البيان يرتبط بمدى أهمية المتوفى وما إذا كان ينتمي لإحدى القبائل الكبيرة بأفغانستان، وذكر أن أحد البيانات تضمنت في السابق 125 اسما كانوا جميعا أقرباء من القبيلة نفسها.


وعلق المذيع الأفغاني على ما آلت له أهمية الراديو حاليا، بقوله إن عمليات القتل لم تتوقف، وإن المواطنين توقفوا عن متابعة الراديو، واتجه اهتمامهم بشكل أكبر لمواقع التواصل الاجتماعي، غير أنه يرى أن مواقع التواصل لن تمنح الموتى التكريم الذي كان يمنحه البيان الإذاعي لهم في السنوات الماضية.

 قد يهمك ايضا :

احتجاجات في أفغانستان بعد اعتقال قائد قوى ميليشيا الجنرال دوستم" في فارياب

الراديو الرسمي يكشف أول إشارة "حقيقية" تحسم مصير زعيم كوريا الشمالية