نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة

افتتحت نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة، مساء أول أمس الأربعاء، معرض الفنانين السودانيين الذي تنظمه مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، بحضور الدكتور سليمان موسى الجاسم نائب رئيس مجلس الأمناء في المؤسسة، والأديب عبدالغفار حسين عضو مجلس الأمناء، وعبدالحميد أحمد الأمين العام، والدكتور محمد عبدالله المطوع عضو الأمانة العامة للمؤسسة، وسط جمهور كبير من أبناء الجالية السودانية والشخصيات الثقافية والفنية والإعلامية، ولفيف من المهتمين بالفن.

وتجولت معالي وزيرة الثقافة في المعرض، واطلعت على الأعمال الفنية التي قاربت الـ70 عملاً من مختلف المدارس والأجيال، والتي عكست أصالة الفن في السودان، وتجاذبت أطراف الحوار مع الفنانة السودانية المخضرمة كمالا إبراهيم إسحاق التي تعد تجربتها الأبرز في حقل الفن التشكيلي السوداني المعاصر، وقدمت درع العويس التذكارية للفنانة كمالا، وشكرتها على جهودها في تعزيز دور الفن السوداني والمساهمة في نقله إلى مصاف العالمية.

يضم المعرض أكثر من 70 عملاً فنياً، لعشرة فنانين سودانيين من ثلاثة أجيال تلاقت تجاربها بحكم الزمالة الدراسية من جهة، وصداقة اللوحة واللون من جهة ثانية، أقرب ما يكون إلى النزهة الآسرة بين فصول الطبيعة الأربعة، حيث لا مكان فيها سوى للحلم، والفرح، والتأمل، والاستمتاع بدفء اللون الخارج من مناخاته السودانوية النابضة بحرارة الحياة، وقوتها، مع تعدد الاتجاهات والأساليب في شكلها البصري المتبدل، بين جرأة التجريد والتجريب مع مجموعة (أبصري) للفنانة إيمان شقاق، إلى صخب احتفالية غرافيك الفنان (ضياء الديم الدوش)، إلى تجريدية الفنان (الأمين محمد عثمان) مروراً بخشبيات الفنان (عبد الباسط الخاتم) إلى تأمل صفاء طبيعة الفنان (الجيلي يوسف السيمت)، إلى ليونة وجمالية ابتكار حروفية الفنان (تاج السر حسن) إلى براعة توهان اللون في حقول الفنان (عصام عبدالحفيظ) مع تسيد حيادية بياض وسواد الفنانة (أمل بشير طه) والتي تستحضر بتنوعها ديناميكية وحيوية اللغة البصرية في السودان، وتعكس مدى انفتاحها، وتزاوجها بين الإفريقية والعربية، بالإضافة لدلالات مستوى نضج الطموح الذي بلغته حركة التشكيل في السودان، منذ منصف القرن الماضي وحتى اليوم.

لكن اللافت في هذه التظاهرة الفنية الكبيرة، التسيد البصري للوجوه البشرية المحبوسة والمشوهة المعالم داخل مكعبات بلورية شفافة المعالم، في تدرجات لونية جمعت بين ألوان الغابة الخضراء والصحراء، يتداخل فيها البشر والنبات، وسط طقوس صوفية المعالم، تمثل ما يشبه تلازم الحياة بين الإنسان والنبات، مع صيرورة الحياة، التي أبدعتها الفنانة القديرة (كمالا إبراهيم إسحاق) إحدى أبرز رواد الحداثة في السودان، ومرشدة الحركة الفنية المعروفة باسم المدرسة الكريستالية (البلورية) وأول فنانة تشكيلية تتخرج في كلية الفنون الجميلة بالسودان.
الفنانة كمالا إسحاق التي ترفض أن نحصرها في أي مكعب أو صندوق نقدي أو أسلوبي -كما صرحت لـ«الاتحاد»- تقول عن مشاركتها في المعرض الفني السوداني الجماعي بالعويس: «هي فرصة مهمة لانفتاح الفن التشكيلي السوداني في التعبير عن نفسه خارج الحدود، للتثاقف، والتواصل، والحوار، عبر لغة الفنون التي ترى فيها لغة كونية لا تحمل جنسيةً أو عرقاً أو مذهباً، وتعكس في جماهيريتها، وتعدد أساليبها، المكانة الرفيعة لغة للفنون البصرية في السودان، وخاصة لدى المجتمع النسائي».

وأضافت: لا أحصر نفسي في مدرسة أسلوبية معينة، لأني أرسم من روحي، وما تفرضه علي الحاجة الشعورية والتعبيرية في داخلي، وفق الذاكرة المكتنزة من أحاديث الحبوبات (الجدات) وفلكلور الحياة في السودان. فأنا لا أحب، ولا أومن بأن يحبس الفنان نفسه في نوع محدد من المدارس، والاتجاهات الفنية هي فقط لتسهيل عمل النقاد لا أكثر.

وحول معنى حضور الوجه البشري المتطاول والمشوه أحياناً، قالت كمالا إسحاق: «عندما كنت أستقل قطار الأنفاق في لندن ويدخل في النفق، أرى الوجوه في الزجاج الذي أمامي مشوهة، تلك كانت بالنسبة لي تجربة مدهشة وغريبة واستلهمتها في أعمالي».
وحول فلسفة حضور النبات متزاوجاً مع البشر، تابعت: أصل الحياة هو الإنسان والنبات، وكلاهما يعيش على الآخر في دورة حياة واحدة، وعندما يموت الإنسان يتحول إلى سماد لينمو نباتاً مرة أخرى.

وعلى هامش فعاليات المعرض، أقيمت ندوة تعريفية سلط المشاركون فيها الضوء على انعطافات الفن السوداني، وأهم رواد الحركة التشكيلية في السودان، وصولاً لطبيعة الفن السوداني المعاصر، وشارك فيها: كمالا إبراهيم إسحاق، والفنان والناقد فتحي عثمان، والبروفسور صلاح حسن.
وفي ختام الندوة كرم عبد الحميد أحمد، الأمين العام، المشاركين في المعرض وقدم لهم الشهادات التذكارية.

قد يهمك ايضا

محمد بن زايد يبحث العلاقات الثنائية مع الرئيس الفرنسي