الدكتورة حنان حميدان

يحتاج مرضى السكري إلى جرعات الأنسولين لأن أجسامهم غير قادرة على إنتاج ما يكفي منها، ما يجعلهم في حاجة إلى تعويض خارجي، وهناك العديد من الشائعات المتعلقة باستخدام الأنسولين، وهو ما يضعه ما بين القبول والرفض من جانب المرضى. وتواصل «الخليج الطبي» مع الدكتورة حنان حميدان استشارية طب العائلة وماجستير في السكري مركز الخليج الطبي والسكر وأجابت عن أسئلتنا:

- ماهو الأنسولين؟ ومتي يحتاج إليه مريض السكري من النوع الثاني؟

يعتبر السكر هو المصدر الرئيسي للطاقة في جسم الإنسان، حيث تقوم الخلايا بحرق السكر لإنتاج الطاقة المستخدمة في عمليات الأيض المختلفة، والأنسولين هو الهرمون الذي تفرزه غدة البنكرياس وهو المسؤول عن دخول السكر إلى خلايا الجسم لإنتاج هذه الطاقة، وكأنه مفتاح خاص يفتح له باب الخلية، ولذلك يؤدي غياب الأنسولين أو نقصه إلى عدم القدرة على دخول السكر إلى الخلية؛ وبالتالي يرتفع مستواه في الدم وهو ما يحدث في مرضى السكري، وتحديداً عند الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، فإن خلايا الجسم تكون مقاومة للأنسولين ويعجز البكرياس عن إنتاج كمية كافية من الأنسولين؛ وذلك لأسباب عديدة منها عوامل وراثية وبيئية مثل زيادة الوزن.

إن علاج مرض السكري من النوع الثاني يعتمد بشكل أساسي على اتباع أسلوب الحياة الصحي ويشمل ذلك نظاما غذائيا صحيا، ضبط الوزن، وممارسة الرياضة بانتظام، كما يتطلب أيضا استخدام أدوية تساعد على تحقيق مستويات سكر الدم المستهدفة، وذلك بتحفيز البنكرياس لإنتاج الأنسولين وتقليل مقاومة الجسم للأنسولين وتثبيط إفراز السكر من الكبد.

الجدير بالذكر أن مع تقدم مرض السكري من النوع الثاني واستمراره على مدى سنوات، يحاول البنكرياس إفراز كميات أكبر فأكبر من الأنسولين، وقد يصل في بعض الحالات إلى العجز، وعدم المقدرة على إنتاج كميات كافية من الأنسولين، فيصبح مريض السكري بحاجة ماسة إلى تعويض هذا النقص بأنسولين خارجي يتم حقنه تحت الجلد ليقوم بنفس الوظيفة في الوقت الذي تعجز فيه العلاجات الدوائية الأخرى، والتي تؤخذ بالفم عن تحقيق السيطرة على مستويات السكر.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن الأنسولين المصنع لا يمكن تناوله عن طريق الفم، ولكن يتم استخدام الحقن أو الأقلام الطبية لإدخال الأنسولين إلى الجسم، وذلك بحقن المريض نفسه أو بمساعدة الآخرين تحت الجلد مباشرة في مناطق معينة أهمها الجزء العلوي من الذراع، والأجزاء الأمامية والجانبية من الفخدين ومنطقة البطن، ويقوم الطبيب بمساعدة المريض بوضع جدول مفصل للأوقات المناسبة لأخذ جرعات الأنسولين الضرورية للحفاظ على مستوى السكر الطبيعي في الدم، والتي قد تتراوح من مرة إلى أربع مرات يوميا، بحسب الحالة.

-هل هناك آثار جانبية لحقن الأنسولين؟

إن العلاج بالأنسولين كسائر العلاجات الطبية الأخرى، لا يخلو من الآثار الجانبية والمضاعفات والتي من أهمها:

1-انخفاض نسبة السكر: وهو من الآثار الشائعة عند استخدام الأنسولين، وقد يكون نتيجة حقن كمية كبيرة تفوق حاجة المريض، وينتج عن ذلك الشعور بأعراض هبوط السكر كالدوخة والتعرق، ويتطلب ذلك التدخل السريع بتناول شراب يحتوي على السكر، والتي بدورها تصحح مستويات السكر في الدم، ولذلك يتم تقديم التثقيف الصحي اللازم بجميع جوانب الهبوط بما فيها التعرف على الأعراض المصاحبة وكيفية التعامل معها قبل البدء باستخدام الأنسولين.

2-زيادة الوزن: وذلك لأن هرمون الأنسولين من الهرمونات البناءة في الجسم التي تسهم في زيادة الوزن، وتجدر الإشارة إلى أن نظائر الأنسولين لا تسبب زيادة الوزن مقارنة بالأنواع الأخرى القديمة والتي قل استخدامها حاليا، وعلينا التنبيه إلى أن الإفراط في تناول الكربوهيدرات مع التعويض عن ذلك بأخذ كميات كبيرة من الأنسولين يؤدي إلى زيادة الوزن بشكل ملحوظ.

- لماذا لا يتقبل مرضى السكري من النوع الثاني علاج حقن الأنسولين بسهولة؟

في الحقيقة وعلى المستوى العالمي، ومن الشائع جدا أن يرفض مريض السكري من النوع الثاني استخدام حقن الأنسولين، ويقوم بتأجيله سنوات عديدة، معرضا نفسه للإصابة بمضاعفات السكري الناتجة عن عدم السيطرة على مستويات السكر في الدم؛ لذلك فإن التوصيات الطبية العالمية تؤكد على الاستخدام المبكر لحقن الأنسولين في حالات السكري غير المسيطر عليها بالعلاجات الدوائية الأخرى.

ومن أسباب رفض المرضى حقن الأنسولين:

-الخوف من الإبر وعملية الحقن أو الحقن الذاتي.

-الخوف من هبوط السكر.

-الخوف من زيادة الوزن.

-الخوف من التقيد والحد من الحرية مع استخدام الحقن.

-عدم وجود أشخاص يساعدون المريض في عملية الحقن وتحديد الجرعات بالنسبة إلى كبار السن غير القادرين على القراءة.

- اعتبار استخدام حقن الأنسولين فشل شخصي في السيطرة على السكري.

-الاعتقاد بأن علاج الأنسولين للحالات الشديدة فقط.

- الشعور بالحرج مجتمعيا باستخدام الحقن أمام الناس.

-التأثر سلبا بتجارب مرضى آخرين استخدموا حقن الأنسولين.

كما أ ن هناك العديد من الشائعات المتعلقة بحقن الأنسولين وأهمها:

- أن استخدام الأنسولين يسبب الإدمان والتعود عليه، وهذا غير صحيح فهو مثل سائر الأدوية المزمنة يحتاج اليها المريض مدى الحياة من أجل التحكم في السكر. 

-إن إبر الأنسولين تؤثر على الأعضاء الداخلية وتؤدي الى الفشل الكلوي والعمى وهذا اعتقاد خاطئ جدا فالأنسولين يهيمن تماما على كل أعضاء الجسم وتلك المشاكل الصحية هى نتيجة عدم السيطرة على السكري.

-كيف يمكننا التغلب على العوائق التي تمنع المريض من تقبل استخدام حقن الأنسولين؟ 

أولا: يجب ان نعتمد كأطباء طرق الحوار المفتوح مع المريض لمعرفة مخاوفه ااحقيقية والعوائق التي تجعله يرفض العلاج بالحقن، ومن ثم يتم التعامل معها بتقديم الحلول والنصائح المتعلقة بها، اما بالنسبة الى الخوف من الإبر فعلينا توضيح ان إبر الأنسولين غير مؤلمة بالمرة فهي صغيرة جدا وسطحية، وفيما يتعلق بمشاكل الهبوط في مستوى السكر، فإن التعرف على الاعراض والتدخل المبكر للتعامل مع هذه الحالة من شأنه ان يمنع أي مضاعفات خطيرة، كما يمكن مراجعة الطبيب لتصحيح جرعات الانسولين وتقديم الحلول للحد من التعرض للهبوط.

كما أود ان اضيف ان العديد من مرضى السكري الذين كانوا يرفضون علاج الانسولين سنوات طويلة ومن ثم يقتنعون به ويستخدمونه يكتشفون ان اغلب مخاوفهم واعتقاداتهم لم تكن في محلها، وان الأنسولين قد أسهم في تحسن صحتهم بشكل كبير. فالانسولين من اهم علاجات السكري من النوع الثاني، وهو آمن ويمكن التعامل مع آثاره الجانبية والحد منها.

 قــــــد يهمــــــــــك أيضًـــــا:

مشروب الجزر والسبانخ والليمون الحل "العبقري" لتخليص الجسم من السموم

تناول السبانخ يوميًا يساهم في حماية الدماغ من الأمراض العقلية