الدوحة ـ وكالات
تستعيد عدسة المخرج السينمائي العراقي جودي الكناني حياة الشاعر بدر شاكر السياب في فيلم يتناول مراحل عديدة من مسيرة الراحل، تبدأ من الطفولة وتنتهي إلى وفاته، ويأتي العمل ضمن مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية لعام 2013. ومرت في الـ24 من الشهر الحالي الذكرى الـ48 لصاحب "أنشودة المطر" الذي يعد أحد مؤسسي الشعر الحر، وترك قصائد خالدة في المدونة الشعرية العربية من أبرزها: "أزهار ذابلة" و"شناشيل ابنة الجلبي" و"المومس العمياء" و"حفار القبور" . واصطبغ شعر السياب (1926- 1964) برهافة حسه وأطوار حياته المتقلبة، وبقيت قريته "جيكور" بالبصرة راسخة في ذهنه وشعره، ويخاطبها وقد تغيرت عليه أحوالها عليه حين عاد إليها بقوله الذي يغلب عليه طابع الاغتراب " آه جيكور، جيكور ما للضحى كالأصيل يسحب النور مثل الجناح الكليل ... جيكور ديوان شعري، موعد بين ألواحي وقبري".ويقول الكناني (كاتب ومخرج الفيلم) للجزيرة نت إن اختياره لتجسيد الشاعر الراحل في فيلم سينمائي يعود لغنى شخصية السياب وحياته المليئة بالتراجيديا والفجيعة والتي يجب كشف ملامحها للأجيال الحالية، والاطلاع على مأساة السياب الذي استطاع خلال فترة حياته القصيرة تغيير مجرى الشعر العربي.وأضاف الكناني أنه سيتناول الراحل في الكثير من مراحل حياته، ليس بشكل تسلسلي وإنما ضمن قراءاته للسياب من خلال نصوصه الشعرية، حيث هناك مراحل ستكون على شكل فلاشات سريعة، بينما سيتم التركيز على المراحل التي أثرت بشكل كبير على شعره وحياته.وأشار إلى أن طفولة السياب والحرمان الذي عاشه خلالها مسألة مهمة يجب تركيز الضوء عليها لأنها ماثلة في أغلب تفاصيل شعره ومراسلاته، وكذلك مرحلة المرض التي رسمت النهاية المبكرة للشاعر الكبير.وأوضح الكناني أن هناك مراحل أخرى في العمل تسلط الضوء عن علاقته بالمرأة، وهذه علامة كانت فارقة في حياته إضافة إلى تسليط الضوء على قضية تعلقه بالعراق كوطن، مؤكداً أن الأعمال السابقة للشاعر جاءت في شكل "ريبورتاجات" سطحية وليست عملا سينمائيا متكاملا.وألمح المخرج بأن ميزانية الفيلم قليلة، إلا أن هذا لا يعني التوقف عن إنجازه لأنه جاء للعراق بعد غربة دامت 37 عاما ولديه طموح أن يقدم شيئا لوطنه، وقد تم اختيار مواقع التصوير في محافظتي بغداد والبصرة إضافة إلى دولة الكويت الذي تمثل نهايته بأحد المستشفيات. ويقول الناقد حسن عبد الحميد للجزيرة نت: بعد اطلاعي على سيناريو الفيلم وجدت أنه يتناول فكرة الموت والولادة والمرض والحرمان وجميع النواحي المأساوية التي مرت بحياة السياب، وأن الرؤية الإخراجية تعتمد على الصورة في البناء الذهني والنفسي للبطل، ولم يعتمد كثيرا على الحوار والقصائد إلا في حدود تناسب هذه القصيدة مع وما يميز الفيلم -وفق عبد الحمي-د أن السيناريو يمتاز بالتكثيف والدقة والحفر في شخصية السياب الذي سيكون شاهدا على ولادته وموته من خلال لقطات متداخلة بنيت بطريقة تحتمل التصديق.وأوضح أن الكناني استطاع قراءة معظم قصائد السياب بشكل دقيق، ولم يعتمد إلا على أكثر من خمسين بيتا من الشع،ر وهذه الأبيات التي اختارها تتلاءم مع الموضوع والزاوية التي ينظر لها، لأن الذين تناولوا السياب من خلال قصيدة "أنشودة المطر" لم يدخلوا في تفاصيل محنته الكونية فهو يعاني من حرمان وفقر واضطهاد سياسي وعاطفي. ولفت إلى أن الموضوع الذي يتناوله الفيلم مختلف تماما عن الأعمال السابقة.من جانبه قال المخرج عماد محمد للجزيرة نت إن الفيلم يعد تجربة مهمة وسيكون له صدى وتأثير واضا بالوسط الثقافي والفني العراقي، لكن يجب تقديم المنعطفات المهمة في حياة السياب الشعرية والفكرية والتي مر خلالها بثلاث مراحل، وهي الشيوعية والقومية وفي نهاية حياته تحول إلى الذاتية بعد مرضه.وأضاف أن هذه الإشكاليات مهمة جدا ويجب توضيحها داخل الإطار الفني لأنها توضح جوانب جديدة من خلال فكره وحياته الاجتماعية غير المعروفة، بحيث يتم الابتعاد عن اليوميات والبحث.