أوشام الشباب في أفغانستان

يتحدى الاف الشبان تحفظ المجتمع ورجال الدين راسمين اوشاما على اجسامهم، في ظاهرة تنتشر بين الشباب الافغان منذ الغزو الغربي لبلدهم الذي شارف على نهايته.

ولم يكن ممكنا ان تسجل هذه الظاهرة، وغيرها من الظواهر المماثلة التي تلقى رواجا في البلاد، قبل الاطاحة بنظام حركة طالبان المتشددة التي حكمت افغانستان بين العامين 1996 و2001، ففي ذلك الحين كان عناصرها يجوبون الشوارع لمعاقبة من يحلقون ذقونهم او يطولون شعورهم او غير ذلك مما قد يعتبرونه مخالفا لاحكام الاسلام او اقتباسا من الثقافة الغربية.

لكن المشهد اليوم بات مختلفا، فالكثير من الشباب في هرات وكابول ومدن افغانية اخرى يرتدون سراويل جينز وسترات مطرزة ويعتنون بتسريحات شعرهم مع كثير من المستحضرات البراقة.

وبالتزامن مع فورة الموضة التي انطلقت منذ العام 2001، باتت الاوشام تغزو اجساد الشباب الافغان، متأثرين بذلك بمغني البوب الغربيين والهنود، وكذلك بنجوم كرة القدم.

لكن هذه الممارسة لا تلقى قبولا واسعا في المجتمع الافغاني المحافظ، اذ ينظر الكثيرون الى الاوشام على انها تشويه لخلق الله، وعلى ذك فان السلطات تحظر صالونات الوشم.

وازاء ذلك، فان القرار برسم وشم على الجسم يتطلب ارادة صلبة ومعرفة باوساط محبي الاوشام وراسميها.

ويقول راسم الاوشام رضا يوسفي البالغ من العمر 19 عاما "انا اعمل في السر لان غرز الاوشام ممنوع، وفي حال علمت السلطات بعملي فقد اتعرض للتوقيف".

ويضيف هذا الشاب ذو الاوشام على ذراعيه "في السابق فتح عدد من اصدقائي صالونات لغرز الاوشام، لكن الشرطة اوقفتهم واغلقت صالوناتهم".

ولذا، يمارس رضا عمله في غرز الاوشام في صالونات تجميل لاصدقائه تعرض هذه الخدمة ضمن دائرة ضيقة من المعارف والزبائن.

بعيد سقوط نظام طالبان في العام 2001 على يد التحالف الدولي، افتتحت صالونات عدة متخصصة في غرز الاوشام في كابول، لكن ضغط رجال الدين دفع السلطات الى مواجهة هذه الظاهرة.

ويقول رضا "ينظر الى الاوشام على انها محرمة في الاسلام، ويخفي كثير من اصحاب الاوشام رسوم اجسادهم عن الناس، لكن ذلك لا يحول دون اتساع هذه الظاهرة".

ومن زبائنه شاب في السابعة عشرة من العمر يدعي مهدي، تعرف على الاوشام في الهند و"وقع في غرامها"، وقرر ان يغرز منها على جلده "غير آبه يما يقوله الآخرون".

في احد نوادي رياضة كمال الاجسام، المزدهرة هي ايضا في افعانستان في هذه الايام، تظهر على اجساد الكثير من الرياضيين اوشام ملونة ولا سيما في مناطق الكثافة العضلية.

لكن خارج هذا المكان، يخفي الرياضيون اوشامهم خوفا من تحفظ المجتمع، وكذلك من ردود فعل المتشددين الذين لا يتورعون عن قطع اصابع من يصوتون في الانتخابات، فلا شيء يردعهم عن "قطع ذراع من يغرز على جلد يده وشما" بحسب ما يقول شاب رياضي يدعى بصير.

مع قرب انسحاب قوات حلف شمال الاطلسي من افغانستان في الايام القليلة المقبلة، يعيش سكان افغانستان في ظل قلق مما سيحمله المستقبل من تطورات، ولا سيما حول امكان تمدد سيطرة حركة طالبان مجددا، ومحاولة رجال الدين المتشددين فرض قيمهم التقليدية ومواجهة ما يعتبرونه ثقافة غربية دخيلة.

ومن رجال الدين هؤلاء الملا عبد اللطيف امام احد مساجد كابول الذي يقول "الاوشام تناقض الاسلام، انها من الثقافة الغربية ولا مكان لها في بلادنا..".

نقلًا عن أ ف ب