الحريق فى جريدة الوطن

أقدم مجهولون على إشعال النيران في مقر جريدة "الوطن" المستقلة في الدقي، السبت، حيث ألقوا زجاجات المولوتوف على المقر، بعد نشر خبر يفيد لقاء نائب مرشد جماعة "الإخوان المسلمين" المهندس خيرت الشاطر مع عدد من شباب الألتراس، الأمر الذي نتج عنه ردود فعل غاضبة من جانب نقابة الصحافيين وهيئاتها.وأصدرت نقابة الصحافيين بيانًا، السبت، أدانت من خلاله ما وصفتها بـ"جريمة العدوان الهمجي" على مقر صحيفة الوطن، مؤكدة على أن هذه الجريمة الجديدة جزء من مسلسل الجرائم والاعتداءات التي تمارسها عصابات "الجوالة"، التي يبدوا أنها تتمتع بحماية ورعاية السلطة الحاكمة، بدليل استمرار هذه الجرائم دون رادع، ما يشير بوضوح إلى أن حملات الشتم والتشهير اليومية عبر وسائل ومنابر الإعلام الحرة، الذي يمارس واجبه في تضليل الرأي العام بالحقائق، وهذه الحملات تقدم غطاءًا لجرائم من هذا النوع، التي لم تبدأ بحصار مدينة الإنتاج الإعلامي، والاعتداء على زملاء صحافيين وإعلاميين، ثم اقتحام مقر صحيفة "الوفد"، ولم تنتهى باستهداف العشرات من الصحافيين والمصورين، وإيذائهم بدنيًا أثناء قيامهم بواجبهم المهني، بل وقتلهم وتصفيتهم بدنيًا، كما حدث مع الشهيد الحسيني أبو ضيف. وأكدت النقابة في بيانها قائلة "كل هذه الجرائم لن ترهب زملاءنا الصحافيين، ولن تجعلهم يترددون في أداء واجبهم، والعمل على حماية وصيانة حق الشعب المصري فى التمتع بالصحافة والإعلام الحر"، مشيرة إلى أن "وحدة الجماعة الصحافية في مواجهة مخطط العدوان على حرية الإعلام والصحافة، ومحاولة إجهاضها, هو أقوى سلاح في أيدينا، ولن نفرط فيه أبدًا". وأدانت "لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة" في بيان أصدرته، السبت، الاعتداء الذي تعرض له مقر صحيفة "الوطن" المستقلة، مؤكدة على أن الاعتداء على مقار الصحف، على اختلاف توجهاتها، هو اعتداء على عموم أصحاب الرأي الكلمة، ومحاولة لمواصلة سلسلة "الإرهاب" ضد الصحافة، بغية النَيل من استقلالها. وحملت اللجنة في بيانها الجهات الرسمية في الدولة مسؤولية الاعتداء على مقر الصحيفة، كما سبق لها وأن حملتها مسؤولية الاعتداء على غيره من مقار الصحف المختلفة، وذلك لسبب الاستمرار في سياسة التحريض على الصحافة من جانب المسؤولين في الدولة، مشددة على أن "الصحافة ما هي إلا انعكاس للأوضاع العامة السائدة في البلاد، وأن ماتنشره إنما يعبر عن واقع تعيشه البلاد، وإن كانت هناك أخطاء في تناول بعض القضايا، فهي ناتجة عن سياسة التعتيم التي تمارسها جهات كثيرة، تتعامل مع الصحافة على أنها العدو، وتتعمد تسريب أخبار ومعلومات مغلوطة، وذلك لهدف الإضرار بها، وفتح المجال للاعتداء عليها". و دعت اللجنة ، في بيانها، رؤساء تحرير الصحف المختلفة، لتحري الدقة قدر المستطاع فيما يتم نشره، حتى لا يتم فتح المجال لتدخل أو هجوم، من جانب "المتربصين بالمهنة"، كما دعت إلى "فصل الصحافة عن الصراعات السياسية، وعدم إقحامها في قضايا قد تبدو للعامة سياسية بالدرجة الأولى، وذلك حفاظًا على استقلال الصحافة، ودعمًا لدورها الريادي في المجتمع". هذا، وقد أكد مقرر اللجنة بشير العدل أن الصحافة تتعرض لهجوم شرس من جانب بعض التيارات والفصائل والأحزاب السياسية، وتتعامل معها على أنها السبب في عدم القدرة على التمكين من تنفيذ سياساتها، وذلك لاستمرار فضح ممارساتها أمام الرأي العام، مضيفًا "إن الصحافة جزء من المجتمع، وعمل الصحافي إنعكاس لحركة المجتمع"، لافتًا إلى أن "إرهاب الصحافة قد بدأ عرفًا لدى الساسة في الدولة، تحول بعدها إلى قانون لدى الكثيرين من المسؤولين في الدولة، وفي مقدمتها مؤسسة الرئاسة، التي تقدمت ببلاغات ضد الصحافيين في شهور قليلة، بشكل يفوق ما كان يحدث في سنوات حكم مبارك، ما يؤكد أن التعامل مع أصحاب الرأي يتم من خلال الإرهاب والتهديد بالحبس"، لافتًا إلى أن "الذين يقودون الحملة ضد الصحافة ينتمون أيضًا لبعض الوزارات، التي كان المسؤولون عنها يَدَّعون، في فترة حكم مبارك، أنهم من دعاة الحرية، وعدم قصف الأقلام، وتهديد أصحابها"، داعيًا مهاجمي الصحافة لتقديم نموذجًا يحتذى به، في احترام القانون وسيادته، وإعلاء مصلحة البلاد على مصالح الجماعات والأفراد. كما دعا العدل الصحافيين في المؤسسات كافة ممارسة أعمالهم وفقًا للحقوق والواجبات التي أقرتها قوانين النقابة، وتنظيم الصحافة، وميثاق الشرف الصحافي، حتى لا يتركوا مجالاً لتدخل المتربصين بالمهنة، مؤكدًا أن الصحافة هي أكثر من يتم ظلمه في البلاد. من جانبه، أعرب الصحافي لدى الأهرام والمرشح لعضوية مجلس نقابة الصحافيين محمد الأنور، في تصريحات صحافية عقب زيارته لمقر جريدة "الوطن"، عن استيائه لما تعرضت له الصحيفة من اعتداء، معلنًا تضامنه الكامل مع صحافيو الوطن، ورفضه لإرهاب الصحافيين. وقال الأنور "أرفض سياسة التحريض من البعض ضد حرية الصحافة واستقلالها"، مشيرًا إلى أن "الصحافة ما هي إلا ناقلة للأحداث، وليست صانعة لها، وما يتم نشرة من أحداث هو واقع يعيشه الشعب المصري، ولن نقبل الاعتداءات الغاشمة التي تريد النيل من الجماعة الصحافية، وتهديدهم وترويعهم وتعريض حياتهم للخطر، والتضييق على حرية التعبير والرأي"، محملاً الأجهزة الأمنية في الدولة المسؤولية لما حدث من حرق الجريدة وتعريض حياة الصحافيين للموت حرقًا. وطالب الأنور الجماعة الصحافية الوقوف على صف واحد، والتصدي لكل محاولات الاعتداءات على الصحافيين ومقراتهم، والتضامن مع بعضهم، والتحقيق فيما حدث لجريدة "الوطن". يذكر أن قوات الحماية المدنية قد تمكنت من السيطرة على الحريق دون خسائر بشرية، كما انتقل فريق من نيابة الدقي، التابعة لمحافظة الجيزة، إلى مقر جريدة "الوطن"، لحصر التلفيات التي أحدثها المجهولون. وتبين من المعاينة الأولية للنيابة احتراق الطابقين الأرضي والأول من مقر الجريدة، وبعثرة جميع محتويات المكاتب، وتدمير البوابة الإلكترونية المتواجدة في المدخل، وقطع جميع أسلاك الاتصال، وغرفة تحكم الكهرباء، وأمرت النيابة بتفريغ كاميرات مبنى الجريدة، وأيضًا كاميرات "سيتي بنك"، بغية الوصول إلى هوية مرتكبي الواقعة. واستمعت النيابة إلى العاملين في الجريدة، الذين أقروا في التحقيقات أن حارس الأمن فوجئ بحضور أكثر من 10 أشخاص قال "إنهم من شباب ألتراس أهلاوي"، إلى مقر الجريدة، وتعدوا بالضرب عليه، عقب سؤالهم عن اسم كاتب المقالات الرياضية في الجريدة، ثم ألقوا "الشماريخ"، وأشعلوا النيران في مقر الجريدة. هذا، وقد أمر رئيس النيابة المستشار شريف توفيق بانتداب المعمل الجنائي، وسرعة تحريات المباحث بشأن الواقعة. يذكر أن جريدة "الوطن" قد اعتذرت على نشر الخبر، كما تم نشر خبر أخر يؤكد نفي الألتراس لقائهم الشاطر.