اليوم.. سيغادر ترامب البيت الأبيض، وسوف تظل تلاحقه دعوات قوية بالمحاكمة، لأن يديه ملطختان بدماء خمسة من الأمريكيين سقطوا يوم اعتداء عدد من أنصاره على مبنى الكونجرس، بتحريض واضح من جانبه في السادس من هذا الشهر!

وحقيقة الأمر أن أصحاب هذه الدعوات على حق فيما يدعون إليه، لأن تحريض الرئيس الأمريكى المنتهية ولايته واضح في تغريداته، ولأن سقوط مواطن واحد بسبب التحريض يستدعى المحاسبة.. تمامًا كسقوط خمسة، أو عشرة، أو عشرين، أو أكثر أو أقل!.. ففى المحصلة الأخيرة هناك إنسان فقد حياته بسبب تصرف أحمق على يد رئيس مسؤول!

ولكن المسألة يجب ألا تتوقف عند هذا الحد، لأن على الداعين إلى محاكمة هذا الرجل الأهوج أن يوسعوا الدائرة لتشمل آخرين معه تسببوا في سقوط ضحايا مثلما تسبب هو، ولكنهم قتلوا أكثر مما تسبب هو في قتلهم بكثير جدًا، إذا ما تعلق الأمر بعدد القتلى!

الدعوات إلى محاسبة ترامب ومحاكمته يجب أن تضم معه جورج بوش الابن، لأنه عندما غزا العراق في ١٩ مارس ٢٠٠٣، تحت دعاوى رأينا جميعًا مدى زيفها، لم يقتل خمسة من العراقيين، ولا حتى قتل عشرة منهم، أو مائة، أو ألفًا.. وإنما قتل مليونًا من العراقيين!

مَنْ إذنْ أولى بالمحاسبة والمحاكمة؟!.. الذي قتل خمسة أم الذي قتل مليونًا؟!.. كلاهما يستحق الوقوف أمام العدالة بالتأكيد.. ولكن بوش الابن يجب أن يقف أمامها مائة مرة، لأنه لم يقتل مليونًا ثم يتوقف عند هذا الحد، بل دمر بلدًا كبيرًا اسمه العراق!

وإذا ما وقف بوش الابن يومًا أمام العدالة يتلقى عقابه على ما فعل بالعراق وبأبنائه، فإن مجرمًا آخر لابد أن يقف إلى جواره.. هذا المجرم اسمه بول بريمر الذي أرسلوه حاكمًا للعراق بعد الغزو، فكان أول شىء قام به هو حل الجيش العراقى، وكان الشىء الثانى هو التأسيس لدستور عراقى طائفى أطلق الفوضى في البلاد، بما أدى إلى نسف فكرة المواطنة التي تجعل ولاء المواطن للوطن لا للطائفة!

ترامب مجرد مجرم صغير إذا ما قيس إجرامه في حق البشر بإجرام بوش الابن أو إجرام بول بريمر.. فالأول تسبب في قتل خمسة أشخاص، ولكن بوش وتابعه بريمر تسببا في قتل بلد بكامل أركانه، وليس النزيف الذي عاناه العراق ولايزال يعانيه إلا من فعلهما المباشر.. فلا سامحهما الله ولا غفر لهما!.