حسن البطل
إلى أي مدى تحققت نبوءات رواية جورج أورويل «1984»، أو إلى أي درجة تحققت رواية فلاديمير بارتول «قلعة آلموت».
أو هل نذهب إلى اللغة واشتقاقاتها، واستعاراتها في هذا «الزمن الداعشي»؟
في القرن الخامس الهجري، العام 483، والعام الحادي عشر الميلادي، انشقت طائفة دينية إسماعيلية عن الفاطمية، ومارست «الإرهاب» بالاغتيالات، ومنها بنى فلاديمير بارتول روايته السردية «قلعة آلموت» عن الحسن بن الصباح، الذي بنى في إيران قرب بحر قزوين ما يشبه «الفردوس» الأرضي. مزيج من العذراوات والمخدرات لإيهام أتباعه أن القتل والشهادة هي طريق الوصول إلى الفردوس الأعلى.
كما تدعي «داعش» أنها الإسلام الصحيح، الأساسي، فإن أتباع الحسن بن الصباح وصفوا انفسهم بالدعوة الجديدة، الأساسية.
معارضوه من ولاة وحكام الخلافة الفاطمية وصفوا هذه الحركة بأنها «حركة حشاشين» وترجمت الكلمة إلى لغات أخرى كالفرنسية بتحريف إلى «السفاحين» Assassin، لكن البعض يقول إن الأصل هو «الأساسيون» أي ما معناه في اللغة المتداولة حالياً «الأصوليون».
يوم الجمعة، ضرب الإرهابيون الأصوليون، الأساسيون، السفاحون الـ Assassin، ضربتين في تونس والكويت والضربة الأولى بهجوم بالرشاشات والثانية بعملية انتحارية في مسجد شيعي.
ليست هذه مرة أولى يضربون فيها منتجعات سياحية لا في تونس أو في مصر، ولا أول عملية انتحارية في مسجد يوم صلاة الجمعة، أو في جنازة، أو مجلس عزاء، أو سوق شعبية.. أو حتى احتفال زفاف!
لكن: قبل يوم من الضربة المجزرة المزدوجة، كان على شبكة التواصل الاجتماعي «فيسبوك» خبر جديد في اختراعات الإرهاب/ القتل/ الانتحار، المسمّى «عمليات جهادية».
الخبر مزود بصورة طفل في السابعة نفذ عملية انتحارية في العراق، رافعاً سبابة يده اليمنى، وفي الخلفية علم «داعش»، التي أشادت بالعملية «الجهادية» وأطلقت على الطفل نعت «أبو»!
هل الخبر صحيح، أو مفتعل؟ الصورة صحيحة أو مركّبة «فوتوشوب» لكن تعقيباً قال: هل سيذهب الطفل إلى الجنة ليشرب الحليب.. ولم يبلغ سن الحلم لتحيط به «الحور العين»!
في الانتفاضة الثانية، قد يتذكر بعض قرائي أنني ميّزت بين «عمليات فدائية» ضد الجنود، و»عمليات انتحارية»، بينما كان غيري يصف الأخيرة بـ «عمليات استشهادية» أو «تفجيرية».
دار في وزارة الإعلام نقاش مع زملاء حول التسميات والنعوت والاصطلاحات، ثم علمت أنني لما خرجت من النقاش لأمر ما، أن البعض فكر أنني أستحق «الضرب» الجسدي!
صحيح، أن عنواناً من عناوين أعمدتي كان «أنا شيعي» في بداية حركة «داعش» لكن المضمون كان «الاجتهاد الشيعي» الديني، ورفض تسمية الشيعة «روافض» أو فرق أخرى بـ «المرتدين» أو «الكفار»، أي ضد الاحتراب لأسباب دينية أو مذهبية.
لماذا؟ لأن كل حركة دينية مسلحة سوف تنتهي إلى الإرهاب سواء أكانت أصولية إسلامية أو مسيحية أو يهودية، وهذا حسب قول المفكر العراقي هادي العلوي.
يمكن أن أفهم المرحوم محمد حسين فضل الله، المرشد الروحي السابق لحزب الله، لكن لا افهم قائد الحزب الحالي حسن نصر الله، ليس بعد تدخله في سورية، وهذا أمر مفهوم، لكن حتى في منشئه كحزب طائفة، وفي حروبه مع إسرائيل.
الواقع، أنني اتخذت موقفاً سلبياً من الإمام الخميني، لما قرأت له في بغداد «فتوى دينية» ضد اليهود قبل الثورة الإسلامية الإيرانية، رغم أن الكثيرين كانوا يؤيدونها، وكنت أؤيد حركة «فدائيي خلق».
كان ثقاة ومفكرو الإسلام ينعتون ابن خلدون، ابن رشد، ابن سينا، ابن هيثم.. إلخ.
الآن، صار النعت الحركي «أبو فلان» ووصل إلى «داعش» ومجاهديها!