دور هبرّودس ان يهرب
نتنياهو يجري الاثنين أول نقاش مع القيادات الأمنية حول الموقف من الاتفاق النووي الإيراني "الديري" عصابات من الأجانب بسوق العمل المتحدث باسم وزارة الصحة العراقية يعلن عن وجود إصابات في صفوف الأطفال والشباب بالسلالة المتحورة في العراق مقتل قيادي في ميليشيا حزب الله العراقية جراء انفجار عبوة ناسفة بمحافظة بابل مجلس التعاون الخليجي يدعو للتهدئة في الصومال وحل الخلافات بالطرق السلمية إيران تتهم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتسريب تقارير سرية عن نشاطها النووي الشرطة الأفغانية تعلن عن 3 انفجارات منفصلة في العاصمة الأفغانية كابول تخلف 5 قتلى على الأقل وجريحين الخارجية السودانية تعلن أن وزارة الخارجية الإثيوبية أصدرت بيانا مؤسفا يخوّن تاريخ علاقات إثيوبيا بالسودان وينحط فى وصفه للسودان إلى الإهانة التي لا تغتفر السودان يطالب أثيوبيا بالكف عن "ادعاءات لا يسندها حق ولا حقائق" الخارجية السودانية يؤكد أن السودان لا يمكن أن يأتمن إثيوبيا والقوات الأثيوبية على المساعدة فى بسط السلام وتأتي القوات الأثيوبية معتدية عبر الحدود
أخر الأخبار

دور. هبرّودس ان يهرب

دور. هبرّودس ان يهرب

 صوت الإمارات -

دور هبرّودس ان يهرب

سجعان القزّي
بقلم : سجعان القزّي

ولادةُ يسوع هي شكلٌ من أشكالِ ظهورِه على البشريّة. يسوعُ موجودٌ بينَنا قبلَ ولادتِه وأثناءَها وبعدَها. كان اسمُه الله. لكنّه شاءَ الانتقالَ موقّتًا من السرمديّةِ إلى الزمانِ والمكان من أجلِ أن يَنقلَ الإنسانَ من محدوديّةِ الوجودِ إلى السرمدية، ومن أجلِ أنْ يُنشِئَ علاقةً "ميثاقيّةً" بين الله ابنِ الإنسان، والإنسانِ ابنِ الله. لم يَرُدّ الإنسانُ، بما فيه الإنسانُ المسيحيُّ، الجَميلَ إلى يسوع. ظنَّت البشريّةُ أنَّ تَقدّمَ مفاهيمِ الحرّيةِ والمساواةِ والأُخوّةِ وحقوقِ الإنسانِ، يعود فَضلُها إلى فلاسفةِ الإغريق والرومانِ وكونفُوشيوس، وإلى فلاسفةِ "عصرِ الأنوار" والثورةِ الفرنسيّةِ والاشتراكيّةِ والعَلمنة، فيما وَردَت جميعُ هذه المفاهيمِ في تعاليمِ يسوع ونَشرَتْها المسيحيّةُ في العالم.
جميعُ الحركاتِ الدينيّةِ والعقائديّةِ التي ظَهَرت بعد المسيحيّةِ ـــ بما فيها الشيوعيّةُ ـــ تأثّرت بهذه التعاليم. فمِنها مَن استوحاها، ومنها مَن اقتَبسَها ومنها مَن تَفلْسَف عليها، ومنها مَن تَكبَّرَ عليها. كأنّي بيسوع يقول لهم: "ما لم تَفهَموه لا تُنكِروه، إنّما فسّروه على طريقتِكم"؛ فكان تَعدُّدُ الأديانِ والطوائفِ والمذاهب، حتّى في المسيحيّة. خَشِيَ يسوعُ العقلَ المنعزِلَ عن الإيمان. فَضّل الإيمانَ على الحكمةِ ووَصَف الحكماءَ بالحيّات.
الّذين يتَّبِعون الضميرَ دون الإيمانِ يعيشون أيضًا سلامًا داخليًّا ويَتمتَّعون بقيمٍ ساميّةٍ، إنسانيّةٍ واجتماعيّة. لكنَّ الضميرَ الذي يَعتبر ذاتيّتَه مرجِعيّةً قائمةً بذاتِها ومستقلَّةً عن الإيمانِ بالله، يَبقى عُرضةً لجنوحِ الغريزةِ لأنَّ دفاعاتَ الضمير، المرتكزةَ على العقلِ فقط، ليست كافيةً لمنعِ السقوطِ في التجارب. صحيحٌ أنَّ التاريخَ الوسيطَ والحديثَ حافِلٌ بقادةٍ مسيحيّين انحرَفوا نحو سلوكٍ وحشيٍّ ووثنيٍّ، لكنَّ هؤلاء، وإنْ وُلِدوا مسيحيّين، فقدْ خَرجوا عن الإيمانِ والتزموا عقائدَ فلسفيّةً وسياسيّةً ضِدَّ المسيحيّة. غير أنَّ يوميّاتِنا تَكشِف أنَّ المتدَيّنين ينافِسون الملحِدين في الشرودِ والفساد والطيْش، أي في الخطيئة، وهي التسميةُ الدينيّةُ، لـجِـنَحِ الإنسانِ وجِناياتِه، أكان فردًا أو جماعةً. أيعني هذا أنَّ الغريزةَ والعقلَ أقوى من الإيمان؟ وأن الإنسانَ يُعطي الإيمانَ لله والـمُشْتهى للدنيا؟ في الإنسانِ شرٌّ يَتحدّى الخيرَ ويُبارزُه. تارةً يَنتصر الأوّلُ وطورًا يَغدُر به الآخَر. آخِرُ تَجليّاتِ "انتصارات" الشرِّ اغتيالُ الشابِ جو بجّاني في الكحالة، بلدةِ العزّةِ والكرامة. وآخِرُ تجلّياتِ انتصارات الخيرِ اختراعُ اللَقاح ضِدَّ جائحةِ كورونا.
لقد اختبر المسيحُ ضعفَ الإنسان في تلاميذِه أوّلًا: مِن بطرس الذي "سَلّمه مفاتيحَ السماء" فأنْكَره ثلاثَ مرّات، إلى يَهوذا الذي سَلّمه إلى اليهود، مرورًا بِتُوما الذي آمَن بإصْبَعِه قبل إيمانِه بقيامةِ المسيح. واستنادًا إلى إدراكِه هذا الضعفَ البشريّ، استَحْدَث يسوعُ الغفرانَ ومحوَ الخطيئةِ والرحمةَ والتسامح، فتمادى الإنسانُ في الدلعِ واستهانَ ارتكابَ الخطايا على وعدٍ بالعفو.
خطورةُ الحضارةِ الحاليّةِ أنها مُغريةٌ جدًّا بحيثُ يَصعُب على المرءِ التعَفُّفُ عنها والنأي. لكنّها في الحقيقةِ تَخلُط بين الحرّيةِ وفوضى القيَم، بين الرَفاه والترَف، بين الإيمانِ والفكرِ، وبين البشريّةِ الطبيعيةِ والطبيعةِ المضادّة. والأخطرُ أنَّ العَلمنةَ المجرَّدةَ من أيِّ سَندٍ روحيِّ تَضرِبُ ضميرَ الفردِ وإنْ حافظَت على ضميرِ الجماعة. لا يدري بعضُنا إذا كان مؤمنًا أو عَلمانيًّا، وإذا كان عَلمانيًّا أو ملحدًا. كان الإلحادُ في العصورِ القديمةِ حالةَ جهلٍ، فجَعله البعضُ في العصرِ الحديث حالةً عقائديّةً تدّعي أنَّ الإنسانَ هو مُحَصِّلةُ حركةِ المادّة وإفرازاتِها. أنّى لمادّةٍ جامِدةٍ، تُحرّكها عواملُ الجيولوجيا والطقسِ والزمن، أنْ تَخلُقَ الإنسانَ بحياتِه وعقلِه وضميرِه وقلبِه وإبداعاتِه؟ لم نَر صخرةً اشتَهَت موجةَ بحرٍ فأنجبَت إنسانًا. ولم نَر جبلًا تغزّلَ بِواديه فوضعَ مولودًا.
رغمُ مرور ألفَي سنةٍ على ولادةِ يسوع، أشعُر كلَّ سنةٍ بفرحِ هذا الحدثِ الإلهيِّ والتاريخيِّ. أتخيّلُه يَحدُث أمامي الآن. أشعُر أنَّ قوّةً دخلت فيَّ. أعيشُ وَضاعةَ المغارةِ وعظمةَ المولود. أعودُ إلى الوراء. أرى أورشليم والناصرةَ والجليلَ والقيصريّة. أُبصِرُ بُحيرةَ طَبريّا ونهرَ الأردن وبيتَ عَنْيا وجبلَ طابور وبستانَ الجِسمانيّة. أُحَدِّقُ ببيلاطس يَغسِلُ يديْه وبقَيافا، رئيسِ كُهّانِ اليهود، يَصرُخُ: "اصْلُبوه". حَدثَ ذلك في جوارِ لبنان. في قريةِ بيتَ لحم. في الشرق. لكنَّ الشرقَ حاول التَنمُّرَ على المسيحيّة. سقطَ في التجربةِ اليهوديّةِ التي هي إنكارُ المسيح. من هنا بَدأت جُلْجُلةُ الشرق. تَقدَّمَ في الزمنِ وتراجعَ في الحضارة. احتلَّ العالمَ عصورًا ولم يُحرِّر نفسَه يومًا. آمَنَ بالكتابِ ولم يَكتفِ به. حاربَ الصليبَ فأتاه الصليبيّون، وها هو على شفيرِ تكرارِ الخطأ.
الشرقُ نقيضُ ذاتِه وراجمُ عظمائِه وفاقدُ قيمِه وجاحِدُ أديانِه. ما عاد هذا الشرقُ يُشبِهُ المسيح. كأنَّ ولادةَ يسوع كانت فعلًا زائدًا، وصلبَه فعلًا مجّانيًّا وقيامتَه فعلًا عبثيًّا. اليهودُ تآمروا على يسوع لدى ولادتِه. أنْكَروه وصلبوه. وأهلُ الشرقِ تآمروا عليه بعد قيامتِه. ظنّوا أنّهم يستطيعون أن يُضيفوا إلى الكَمالِ جملة، فتغيّر المعنى. أهلُ الشرقِ يَخافون مُنقِذيهم ويُحبّون جَلّاديهم. أهلُ الشرقِ يَخشَوْن الحقيقة ويَألَفون الدَجَل. تَشاوَفوا على المسيحيّةِ وشوّهوا الإسلامَ وأعادوا الاعتبارَ إلى اليهوديّةِ، حتّى بوجهِها الصُهيوني. أكثرُ كلمةٍ تَروجُ في الشرقِ هي الله، وأقلُّ حاضرٍ في أفعال الشرقِ هو الله. جَعلوا اللهَ افتتاحيّةَ مجازرِهم وإرهابِهم عِوضَ أن يكونَ مُـحَـيّا فضائِلهم وسلامِهم. كانوا في الأديانِ الوثنيّةِ وأمْسوا في وثنيّةِ الأديان.
مع ولادةِ يسوع لا تولدُ المسيحيّةُ في الشرقِ فقط، بل فكرةُ التعايشِ بين أهلِ الشرق. لكنَّ التعايشَ مستحيلٌ من دونِ الاعترافِ بحقِّ الآخَر لا بوجودِه فحسب. فإذا كان العقلُ من دونِ إيمانٍ يَحرِفُ الإنسان، الإيمانُ مع السلاحِ يَحرِفُ الدين. جميعُ أسلحةِ الأديانِ تحوّلت ضِدَّ الأديان وشعوبِها. القضيةُ مسألةُ وقت. لهذا السببِ نحن صامدون، ولن نَدعَ يوسف، هذه المرّةَ، "يأخُذُ الصبيَّ إلى مِصر". هذا دورُ هيرَوْدُس، بل "الهيرَوْدُسيّون"، أنْ يهربوا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دور هبرّودس ان يهرب دور هبرّودس ان يهرب



GMT 20:50 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

لغة الإنسان

GMT 20:48 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

تجربة البحرين في التعامل مع كورونا... نجاح مبهر

GMT 20:41 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

الأستاذ فوزي والتلميذ بليغ

GMT 20:38 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

خليل حيدر وجريمة النخب العربية!

GMT 20:36 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

الرأي الذي لا تريد سماعه

GMT 21:01 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الخميس 31 ديسمبر / كانون الاول لبرج الجوزاء

GMT 19:57 2021 السبت ,02 كانون الثاني / يناير

حظك اليوم الأحد 31 يناير / كانون الثاني2021 لبرج السرطان

GMT 19:38 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

وفاة امرأة مع استمرار اشتعال الحرائق في كاليفورنيا

GMT 17:49 2020 الأربعاء ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم الاثنين 31 نوفمبر/ تشرين الثاني لبرج الميزان

GMT 01:49 2018 السبت ,28 تموز / يوليو

يورجن زوب يبلغ نصف نهائي بطولة جشتاد للتنس

GMT 16:44 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

لا للانتحار الفلسطيني…

GMT 17:04 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

طرح الملصق الدعائي الأول لمسلسل "أبو عمر المصري"

GMT 15:39 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيخ محمد بن راشد يحضر أفراح الحميري والفلاسي

GMT 00:46 2017 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

دار ميناز تقدم مجموعة مميزة ولافتة للمحجبات لعام 2018

GMT 08:39 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"زايد للكتاب" تعلن القائمة الطويلة للمؤلف الشاب

GMT 10:37 2016 الإثنين ,26 كانون الأول / ديسمبر

المغنية جاسمين واليا تتألّق في فستان أسود رائع

GMT 12:37 2012 السبت ,18 آب / أغسطس

دللي بشرتك في العيد بالعنب والزيتون

GMT 00:11 2014 الجمعة ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مدينة الطفل التابعة لبلدية دبي تحتفل باليوم العالمي للطفل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جمي الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
2023 جمي الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
albahraintoday albahraintoday albahraintoday
albahraintoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates