أشعر بقلق شديد من التصعيد بين طهران وواشنطن.
وأختلف تمام الاختلاف مع خصوم إيران الذين يشعرون بسعادة غامرة للتصعيد الأمريكى والإجراءات الصارمة التى يفرضها الرئيس دونالد ترامب كعقوبات ضد إيران.
نعم، أختلف تماماً مع المشروع الإيرانى، وطالما كتبت وصرحت بذلك، لكننى أيضاً أدرك تمام الإدراك أن التصعيد بين «الأضداد المتطرفة» يؤدى فى النهاية إلى انفجار تتطاير شظاياه على دول المنطقة.
دونالد ترامب تصعيدى، وهكذا المرشد الأعلى الإيرانى.
المرشد الأعلى صدامى وهكذا دونالد ترامب.
اليمين الأمريكى لا يعرف حدوداً للقوة وهكذا الحرس الثورى الإيرانى.
طهران لها مشروع امتدادى فى المنطقة، وهكذا واشنطن فى عهد ترامب.
الرئيس الأمريكى شعبوى فى كل قراراته، وهكذا المرشد الأعلى الإيرانى.
كلتاهما إيران والولايات المتحدة تستخدمان السياسة الخارجية لتحقيق مكاسب داخلية.
كلاهما ترامب وخامنئى مأزوم داخلياً؛ الأول تطارده تحقيقات وفضائح، والثانى يحاصره حصار تجارى ومطالب اجتماعية طاحنة وأزمة مالية غير مسبوقة.
هذا الصدام الذى يكاد يقترب الآن من حافة الهاوية يُنذر بخطر شديد.
أصبح الحصار الأمريكى خانقاً لإيران، لدرجة أنه يريد «تصفير» مبيعات النفط اليومية الإيرانية من مليون ومائتى ألف برميل يومياً إلى صفر بنهاية شهر مايو المقبل.
نجحت الضغوط الأمريكية فى إقناع أكبر 20 شركة أوروبية بالانسحاب تماماً من السوق الإيرانية، ونجحت فى إخراج الصين أكبر مشترٍ للنفط الإيرانى من السوق الإيرانية (تشترى 600 ألف برميل من مليون ومائتى ألف يومياً، أى النصف).
وآخر الإجراءات هى محاصرة حركة الأموال الإيرانية حول العالم، ووضع قائمة طويلة من الأسماء فى قائمة الإرهاب، واعتبار الحرس الثورى الإيرانى كله منظمة إرهابية.
أمس سرَّبت وسائل إعلام أمريكية أن ثروة المرشد الأعلى 200 مليار دولار، وهى محاولة قاسية للنيل من الرجل شخصياً.
الصدام الآن على حافة الهاوية، يبقى السؤال هل هو مقصود أم لعبة ضغوط فحسب؟
خوفى الشديد أنه فى حالة انفلات الصراع بين إيران والولايات المتحدة، فإن مسرح الصدام العسكرى سوف يكون بالدرجة الأولى على ساحة الأراضى العربية.
إذا انفلت الصراع سنكون «نحن» أدواته وضحاياه وأكثر من سوف يدفع ثمن فاتورته.
كارثة كبرى أن يدفع العقلاء فاتورة هيستيريا التصعيد.