عائشة سلطان
في رواية الفرنسي غريغوار دولاكور «لائحة رغباتي»، لم تكن الإثارة في فوز بطلة الرواية جوسلين وحصولها على مبلغ 18547301 يورو، في سحب اليانصيب، بل كانت في محنة البطلة في الاختيار ما بين مكاسب اللحظة الراهنة التي تعيشها برضا مع وجود نواقص ورغبات غير متحققة، وبين الإعلان عن ذلك الشيك وصرفه لتتحقق كل رغباتها ولتنتقل إلى واقع مختلف، الاختيار بين واقعين متباعدين كان يحمل في طياته احتمال خسارة عميقة من نوع ما، حتى وإنْ لم تكن مؤكدة، لكن ما الذي يضمن لها أن يبقى زوجها بكل هذا الحنان، والناس الذين يساعدوه بكل هذا الامتنان، هي الآن ناجحة مع بذل الكثير من الجهد في محل الخياطة خاصتها، وتحظى بكثير من محبة ودعم الأصدقاء والمعجبات بها، لأنها تقدم للجميع خدمات مؤثرة، إلى درجة أنها حين أغلقت محلها لتعتني بزوجها المريض، جاءت بعض النساء بأطباق الطعام لبيتها، وعرضت أخريات أنواعاً مختلفة من المعاونة، حدث ذلك دون أن تكون ثرية أو لديها تلك الثروة التي ربحتها في اليانصيب.لقد ابتعد ولدها عن المنزل وهو يحلم بمشروع محل الفطائر، وسافرت ابنتها بحثاً عن مستقبلها في تصوير الأفلام، هل ستعيد الأموال تلك الأيام واللحظات التي ذهبت هدراً من أعمارهم، وهم بعيدون عنها، هل سيظل زوجها كما هو اليوم يجهز لها الساندويش حين يعلم أنها ستقضي طيلة النهار في الخارج بلا طعام، وهل سيهرع للقائها في المحطة حين تعود في المساء، خاصة إذا حققت له رغباته واشترت له سيارة البورش كايين وشاشة التلفزيون المسطحة ومجموعة أفلام جيمس بوند الكاملة التي يحلم بها؟ هل ستتصل بها ابنتها لتخبرها عن آخر أفلامها بعد أن تعطيها ما يكفيها من المال؟ وهل سيفعل ابنها الشيء نفسه، هي توازن بين لائحة الرغبات وبين ما تحظى به في حياتها الراهنة من قيم لا يمكن مقايضتها أبداً بأي مال.