عن لبنان الذي يموت ككهل وشابّ في وقت واحد
نتنياهو يجري الاثنين أول نقاش مع القيادات الأمنية حول الموقف من الاتفاق النووي الإيراني "الديري" عصابات من الأجانب بسوق العمل المتحدث باسم وزارة الصحة العراقية يعلن عن وجود إصابات في صفوف الأطفال والشباب بالسلالة المتحورة في العراق مقتل قيادي في ميليشيا حزب الله العراقية جراء انفجار عبوة ناسفة بمحافظة بابل مجلس التعاون الخليجي يدعو للتهدئة في الصومال وحل الخلافات بالطرق السلمية إيران تتهم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتسريب تقارير سرية عن نشاطها النووي الشرطة الأفغانية تعلن عن 3 انفجارات منفصلة في العاصمة الأفغانية كابول تخلف 5 قتلى على الأقل وجريحين الخارجية السودانية تعلن أن وزارة الخارجية الإثيوبية أصدرت بيانا مؤسفا يخوّن تاريخ علاقات إثيوبيا بالسودان وينحط فى وصفه للسودان إلى الإهانة التي لا تغتفر السودان يطالب أثيوبيا بالكف عن "ادعاءات لا يسندها حق ولا حقائق" الخارجية السودانية يؤكد أن السودان لا يمكن أن يأتمن إثيوبيا والقوات الأثيوبية على المساعدة فى بسط السلام وتأتي القوات الأثيوبية معتدية عبر الحدود
أخر الأخبار

... عن لبنان الذي يموت ككهل وشابّ في وقت واحد!

... عن لبنان الذي يموت ككهل وشابّ في وقت واحد!

 صوت الإمارات -

 عن لبنان الذي يموت ككهل وشابّ في وقت واحد

حازم صاغية
حازم صاغية

هل يمكن لواحدنا أن يموت وهو، في وقت واحد، شيخ كهل وشابّ يافع؟ هذه حالة لبنان اليوم.

جريمة المرفأ المروّعة والاستثنائيّة أعلنت هذا الموت عن عمر بلغ المائة.

يمكن أن نضيف أنّ نُذر الموت حفّت دائماً بالتاريخ القصير لهذا البلد في جمهوريّتيه الأولى والثانية. في الأولى، هناك 1958 و1969 و1973 قبل أن تأتي حرب 1975 التي استمرّت 14 سنة ولم تكن خاتمة الأحزان. البلد كان يومها في الثانية والثلاثين من عمره. في الجمهوريّة الثانية، هناك 1996 و2005 و2006 و2008 و2011 و2019 - 2020 فضلاً عن التعليق الطويل للبرلمان والشغور الطويل في رئاسة الجمهوريّة وصعوبة تشكيل الحكومات. بعد ذاك أتت الجريمة الموصوفة ذات الطبيعة الإباديّة. اللبنانيّون الذين كانوا ينتظرون قرار المحكمة الدوليّة في اغتيال رفيق الحريري، باتوا ينتظرون تحقيقاً دوليّاً في جريمة أدهى وأمرّ. إنّه بؤس خالص يصاب به شعب من الشعوب.

لقد كان المشروع اللبناني دائماً مشروعاً صعباً، قابليّته للموت كانت دائماً مرتفعة جدّاً. لكنْ الآن، مع مئات القتلى وآلاف الجرحى ومئات آلاف المهجّرين والمنكوبين، تنهار أعمدة البلد كلّها:
- تنهار طريقة في حكمه ومعها طبقة تولّت هذا الحكم، ولم تعد تملك إلاّ إعلان قانون طوارئ والاختباء وراء سلطة عسكريّة.

- تنهار طريقة في إدارة اقتصاده وثيقة الصلة بالطبقة التي تتولّى سياسته. المصرف الذي كان من مفاخره بات يترنّح.

- تنهار وضعيّة سمحت بالتسلّح وقيام جيوش موازية وجرّ البلد إلى صراعات إقليميّة قابلة للتجنّب.

- تنهار منظومة ثقافيّة، متعدّدة الوجوه والتعبير، بدت قاصرة عن المهمّات التي يطرحها هذا المشروع الصعب.
- ورغم إشارات معاكسة، بعضها فولكلوريّ، ينهار ما تبقّى من «تعايش طائفيّ» شكّل العمود الفقري للاجتماع والنظام اللبنانيين.
- تنطلق موجة هجرة، لا سيّما في أوساط الشبّان والشابّات المتعلّمين والمؤهّلين، وفي بيئة النصف الأعلى من الهرم الاجتماعي التي يصدر عنها أصحاب المشاريع. يتردّى نشاط المؤسّسات على أنواعها، من الجامعات إلى المشافي... وحتّى إشعار آخر، سيكون لبنان بلا مدن ولا مرفأ...

- تحصل هذه الانهيارات وسط أزمة اقتصاديّة خانقة جاءت الكارثة الأخيرة وإعادة الإعمار تتويجاً نوعيّاً لها.

لقد بات من الصعب تصوّر حلّ تنتجه التصوّرات التقليديّة، ناهيك بالقوى التقليديّة، فيما لا تَلوح في الأفق قوى بديلة تمثّل كتلاً وازنة عابرة للجماعات والطوائف. أمّا قدرة العالم على الإنجاد فتبقى محدودة وموضوعاً للتساؤل لأسباب عدّة بعضها يطال لبنان وبعضها يطال العالم: حجم المساعدة الهيولي المطلوب في ظلّ أزمة اقتصاديّة عالميّة، وحال التنافر اللبنانيّ، والفساد والتردّد في الإصلاح، وسلاح «حزب الله»، والتضارب في مواقف الدول الإقليميّة والدوليّة المؤثّرة. وهذا كلّه قبل إجراء تحقيق واتّضاح نتائجه مما قد يودي نهائيّاً بالسلم الأهلي الظاهريّ.

بلغة أخرى: «قيامة لبنان»، هذه المرّة، أقلّ احتمالاً بكثير من موته. ومن يدري فقد تؤول الأمور ببيروت ولبنان، بعد حين، إلى التصحّر الذي تؤول إليه مدن وبلدان منكوبة (بغداد بعد غزو هولاكو في 1258!).
الألم والأسى اللذان تثيرهما هذه الصورة يضاعفهما أنّ لبنان لا يزال حاجة ملحّة، لا لنفسه فحسب، بل لعموم المنطقة أيضاً.

المقصود هو الحريّة التي يعبّر عنها برلمان منتخب وصحافة حرّة وأحزاب ونقابات تتشكّل وتتنافس. المقصود انفتاح اقتصادي وثقافي على العالم، خصوصاً الغرب، ودرجة بعيدة نسبيّاً من حرّيّة التفكير وحرّيّة تصرّف المرء بجسده أو جسدها. المقصود صيغة نجتْ من الحكم العسكري وسجونه ولم تفرض على المجتمع آيديولوجيا رسميّة تحدّد ما الصائب وما الخاطئ. المقصود أقلّيّات لم تشعر، أقلّه في الأزمنة العاديّة، أنّها خائفة لأنّها أقلّيّات. المقصود دور لعبه هذا البلد الصغير (ولم يكن قد أصبح بلداً بعد) فيما بات يُعرف بـ«النهضة العربيّة».

وقليلاً ما ينفصل الواقع عن فكرته، أو الفكرة عن واقعها، كما هي حال لبنان اليوم. هكذا لا يعود البلد الذي يموت مجرّد بلد، بل يغدو رمزاً لعقل وعلاقة أهملناهما وأسأنا معاملتهما بحيث غادرا أرضنا.

بالمعنى هذا يموت لبنان شابّاً سوف يخسر أهله وتخسر المنطقة الكثير من جرّاء موته. سوف يخسرون صورة للمستقبل ومشروعاً للمحاكاة وطريقاً محتملاً إلى الحداثة.
هذا ما يجيز إدراج الكارثة البيروتيّة الراهنة – الأخيرة في إطار الكوارث الكبرى التي تعرّض لها عرب المشرق: نكبة 1948 في فلسطين، وهزيمة 1967 العربيّة، وقيام الأنظمة العسكريّة والأمنيّة، وثورة إيران الخمينيّة... وعلى هذا الدرب سائرون.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

 عن لبنان الذي يموت ككهل وشابّ في وقت واحد  عن لبنان الذي يموت ككهل وشابّ في وقت واحد



GMT 01:36 2020 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

دونالد ترامب ورئاسته - ٢

GMT 01:36 2020 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

نكات عن الاميركيين والبريطانيين والفرنسيين

GMT 01:36 2020 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أبيات من شعر العرب اخترتها للقارئ

GMT 16:36 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

سيطرت روسيا وربحت أذربيجان وتجنّبت أرمينيا مجزرة جديدة!

GMT 16:31 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب إثيوبيا وسؤال السيناريو الليبي!

GMT 02:07 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

بيروتي يؤكد تجديد تعاقده مع ناديه روما حتى ٢٠٢١

GMT 11:50 2021 السبت ,20 شباط / فبراير

زيدان يعلق على تألق الثنائي مبابي وهالاند

GMT 09:58 2019 الإثنين ,06 أيار / مايو

"الحبة الصفراء" من "سياليس" تُنافس الفياغرا

GMT 23:22 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

مجمع دبي للاستثمار يُحقّق نمو 36% في عقود التأجير

GMT 19:12 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

زيت الخروع فوائد صحية مذهلة قد لا يعلمها الكثيرون

GMT 12:34 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

"آمازون" تضيف "007Legends" لقائمة ألعاب الـ"Wii U"

GMT 16:42 2013 الخميس ,03 تشرين الأول / أكتوبر

افتتاح أول مطعم لونج هورن ستيك هاوس في الشرق الأوسط

GMT 11:42 2017 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بشرى تركز هذا العام على الأعمال الدرامية التي تخص المرأة

GMT 17:34 2013 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

فتيات "صنع في تشيلسي" في ملابس ساخنة على "تويتر"

GMT 00:22 2012 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

منزل عصري أنيق بألوان زاهية يعتمد الإضاءة الطبيعية

GMT 21:27 2017 السبت ,09 أيلول / سبتمبر

وزارة الصحة تؤكد سلامة مضاد الالتهاب "بروفين"

GMT 11:02 2017 الأربعاء ,13 أيلول / سبتمبر

"مزيكا" تطرح فيديو كليب نوال الزغبي "صوت الهدوء"

GMT 01:57 2016 الأربعاء ,16 آذار/ مارس

فساتين بلقيس تتلوّن بألوان الطيف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جمي الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
2023 جمي الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
albahraintoday albahraintoday albahraintoday
albahraintoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates