لماذا تونس رغم كلّ شيء
نتنياهو يجري الاثنين أول نقاش مع القيادات الأمنية حول الموقف من الاتفاق النووي الإيراني "الديري" عصابات من الأجانب بسوق العمل المتحدث باسم وزارة الصحة العراقية يعلن عن وجود إصابات في صفوف الأطفال والشباب بالسلالة المتحورة في العراق مقتل قيادي في ميليشيا حزب الله العراقية جراء انفجار عبوة ناسفة بمحافظة بابل مجلس التعاون الخليجي يدعو للتهدئة في الصومال وحل الخلافات بالطرق السلمية إيران تتهم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتسريب تقارير سرية عن نشاطها النووي الشرطة الأفغانية تعلن عن 3 انفجارات منفصلة في العاصمة الأفغانية كابول تخلف 5 قتلى على الأقل وجريحين الخارجية السودانية تعلن أن وزارة الخارجية الإثيوبية أصدرت بيانا مؤسفا يخوّن تاريخ علاقات إثيوبيا بالسودان وينحط فى وصفه للسودان إلى الإهانة التي لا تغتفر السودان يطالب أثيوبيا بالكف عن "ادعاءات لا يسندها حق ولا حقائق" الخارجية السودانية يؤكد أن السودان لا يمكن أن يأتمن إثيوبيا والقوات الأثيوبية على المساعدة فى بسط السلام وتأتي القوات الأثيوبية معتدية عبر الحدود
أخر الأخبار

لماذا تونس... رغم كلّ شيء؟

لماذا تونس... رغم كلّ شيء؟

 صوت الإمارات -

لماذا تونس رغم كلّ شيء

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

قاتلٌ هو الشعور بانعدام الأمل وبأنّ التغيير مستحيل مهما فعل طالبوه. هذا هو الوضع العربيّ في يومنا الراهن. فإذ تتوالى مناسبات الذكرى العاشرة لثورات «الربيع العربيّ» ولهزائمها، ينتشر على امتداد المنطقة ما يشبه الوعي القدريّ المستسلم: محكومٌ علينا سلفاً أن نبقى على ما نحن عليه. صغار السنّ يقولون هذا، والأكبر سنّاً يهزّون رؤوسهم موافقين.
الأفرو أميركيّون في الولايات المتّحدة استولى عليهم طويلاً إحساس محبَط كهذا: ما دامت وجوهنا سوداء فإنّنا سوف نبقى حيث نحن. هذا الإحساس لم يبدأ بالتغيّر حتّى ستينات القرن الماضي، مع الإنجازات التي حقّقتها حركة «الحقوق المدنيّة» بقيادة مارتن لوثر كينغ. قبل ذاك، تراءى لبعضهم أنّ الحلّ الوحيد هو الهجرة من أميركا «البيضاء» إلى أفريقيا «السوداء»، أي تغيير مسرح الفعل قبل الرهان على أيّ فعل. هذا كان الغرض الأصليّ من نشوء دولة ليبيريا كمستوطنة ينتقل إليها السود الأميركيّون. ماركوس غارفي و«الراستافاريّون» قالوا أيضاً بـ«العودة إلى أفريقيا»، إلى حيث «جذورنا».
يهود أوروبا عرفوا تجربة مشابهة وإن كانت أقسى: تحرير الثورة الفرنسيّة لهم لم يمنع تعرّضهم للاساميّة إبّان «قضيّة درايفوس» بعد قرن ونيّف على الانعتاق الأوّل. رهان مثقّفيهم على الحركات الاشتراكيّة والشيوعيّة طريقاً إلى مساواة راديكاليّة لم يحل دون اللاساميّة الستالينيّة. اندماجهم في ألمانيا، الذي فاق كلّ اندماج يهوديّ في أوروبا، كوفئ بصعود النازيّة ومحارق الغاز. حتّى في الولايات المتّحدة، استهدفت المكارثيّة مثقّفيهم وسينمائيّيهم الذين صنعوا، في هوليوود، صورة أميركا عن نفسها.
الحركة الصهيونيّة أيضاً قالت إنّ الحلّ يكمن في الهجرة إلى فلسطين. في بداياتها كانت ضعيفة جدّاً. كان من الصعب أن تعثر على مدينة أوروبيّة تعقد فيها مؤتمرها التأسيسيّ. لكنّها راحت تقوى في موازاة المآسي الكثيرة التي نزلت باليهود.
في حالة الأفرو أميركيّين، وخصوصاً في حالة اليهود الأوروبيّين، يقيم شيء من أسطورة سيزيف: لقد عاقبه زيوس بجعله يرفع صخرة ضخمة إلى الجبل، فما أن يقترب من إيصالها حتّى تتدحرج هبوطاً. على هذا النحو تمضي الحياة حتّى الأبديّة. الوصول وإيصال الصخرة ممنوعان. الاستحالة هي الأفق الأوحد. الأمل لزوم ما لا يلزم.
التجربة تلك بالغة الكثافة تتعدّى المناسبات السياسيّة المألوفة أو دورات العنف التي تلازم صراع الجلّادين والضحايا. إنّها تخاطب الميل الأشدّ تشاؤماً في الوعي البشريّ من أنّ الإنسان شرّ محض، ومن أنّه «ليس بالإمكان أفضل ممّا كان». فنحن نستحق ما كُتب لنا، أمّا الفعل الإنسانيّ فلا يفعل شيئاً، بل الإنسانيّة نفسها لا يُرتجى خير منها. الغد ليس أفضل من اليوم، لكنّ الأمس هو الأفضل بإطلاق.
هكذا نفهم بعض أوجه الظاهرات التي نعيشها نتيجة الهزائم التي مُنيت بها الثورات العربيّة: نفهم، مثلاً، ظاهرة الهجرة واللجوء المليونيّين اختياراً لبلدان يُفترض أن تكون أشدّ اعترافاً بالفعل الإنسانيّ. نفهم أنّ البشر يمكنهم في تلك البلدان أن يؤثّروا ويغيّروا إذا فعلوا هذا أو فعلوا ذاك، وبأنّ الغد قابل لأن يكون مختلفاً عن اليوم، وأنّه بالتأكيد مختلف عن الأمس...
إنّ في هذا كلّه لجوءاً إلى حيث يُحتَرم سعي البشر، وإلى حيث تُحترم الحياة ذاتها بالتالي.
نفهم أيضاً، في هذا المناخ الكابوسيّ، ظاهرات كـ«داعش»، بوصفه التتويج الأعظم لفقدان الأمل بالبشر وبفعلهم الإنسانيّ. بوصفه إعلاناً عن عطالتنا في كلّ مكان وكلّ زمان. لقد ازدهر «داعش» في مناخ العفن الذي خلّفه اللجوء المليونيّ للسكّان مصحوباً بالموت والسجن والتبديد ممّا طال خيرة شبّان هذه المنطقة وشابّاتها.
واللبنانيّون اليوم بين أكثر شعوب الأرض معاناةً لحرقة هذا البؤس: يجثم فوقهم أحد أسوأ الأنظمة التي يمكن تخيّلها نهباً وفساداً وقلّة كفاءة وقلّة إحساس بينما الكارثة الإنسانيّة والاجتماعيّة التي تطحنهم غير مسبوقة في هذا البلد. مع هذا يلوح التغيير، أدنى تغيير، في حكم المستحيل.
وهذا، في عمومه، هديّة ثمينة لدعاة «الاستثناء العربيّ» ممّن قالوا مبكراً، وبألسنة متفاوتة في عنصريّتها، إنّ العرب والديمقراطيّة ضدّان لا يلتقيان.
تحت هذه الوطأة الثقيلة لا يعود نجاح التجربة التونسيّة أو فشلها مجرّد خبر سياسيّ. إنّها، إذا نجحت، كانت الاستثناء على الاستثناء والتخطئة لسائر الأحكام التي تقول إمّا عربٌ وإمّا ديمقراطيّة.
صحيح أنّ تونس تعاني الكثير من المصاعب التي يتصدّرها وضع اقتصاديّ بالغ السوء، يؤجّجه تردّي أحوال الاقتصاد في العالم. لكنّها، مع هذا، تبقى الفرصة الوحيدة الضيّقة التي لا تزال متاحة للعرب كي يقولوا إنّ في وسع أفعالهم أن تؤثّر، وإنّ الحياة على الأرض ليست أقلّ من الأرض نفسها: تدور ولا تقف.
فهل تنجح التجربة، رغم كلّ شيء، وهل تمنحنا صكّ براءة نحن في أمسّ الحاجة إليه كي نتأكّد ممّا يُفترض أنّه مؤكّد؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا تونس رغم كلّ شيء لماذا تونس رغم كلّ شيء



GMT 20:50 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

لغة الإنسان

GMT 20:48 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

تجربة البحرين في التعامل مع كورونا... نجاح مبهر

GMT 20:41 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

الأستاذ فوزي والتلميذ بليغ

GMT 20:38 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

خليل حيدر وجريمة النخب العربية!

GMT 20:36 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

الرأي الذي لا تريد سماعه

GMT 02:07 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

بيروتي يؤكد تجديد تعاقده مع ناديه روما حتى ٢٠٢١

GMT 11:50 2021 السبت ,20 شباط / فبراير

زيدان يعلق على تألق الثنائي مبابي وهالاند

GMT 09:58 2019 الإثنين ,06 أيار / مايو

"الحبة الصفراء" من "سياليس" تُنافس الفياغرا

GMT 23:22 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

مجمع دبي للاستثمار يُحقّق نمو 36% في عقود التأجير

GMT 19:12 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

زيت الخروع فوائد صحية مذهلة قد لا يعلمها الكثيرون

GMT 12:34 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

"آمازون" تضيف "007Legends" لقائمة ألعاب الـ"Wii U"

GMT 16:42 2013 الخميس ,03 تشرين الأول / أكتوبر

افتتاح أول مطعم لونج هورن ستيك هاوس في الشرق الأوسط

GMT 11:42 2017 الخميس ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بشرى تركز هذا العام على الأعمال الدرامية التي تخص المرأة

GMT 17:34 2013 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

فتيات "صنع في تشيلسي" في ملابس ساخنة على "تويتر"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جمي الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
2023 جمي الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
albahraintoday albahraintoday albahraintoday
albahraintoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates