في البكاء الزائف على بيروت ولبنان
نتنياهو يجري الاثنين أول نقاش مع القيادات الأمنية حول الموقف من الاتفاق النووي الإيراني "الديري" عصابات من الأجانب بسوق العمل المتحدث باسم وزارة الصحة العراقية يعلن عن وجود إصابات في صفوف الأطفال والشباب بالسلالة المتحورة في العراق مقتل قيادي في ميليشيا حزب الله العراقية جراء انفجار عبوة ناسفة بمحافظة بابل مجلس التعاون الخليجي يدعو للتهدئة في الصومال وحل الخلافات بالطرق السلمية إيران تتهم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتسريب تقارير سرية عن نشاطها النووي الشرطة الأفغانية تعلن عن 3 انفجارات منفصلة في العاصمة الأفغانية كابول تخلف 5 قتلى على الأقل وجريحين الخارجية السودانية تعلن أن وزارة الخارجية الإثيوبية أصدرت بيانا مؤسفا يخوّن تاريخ علاقات إثيوبيا بالسودان وينحط فى وصفه للسودان إلى الإهانة التي لا تغتفر السودان يطالب أثيوبيا بالكف عن "ادعاءات لا يسندها حق ولا حقائق" الخارجية السودانية يؤكد أن السودان لا يمكن أن يأتمن إثيوبيا والقوات الأثيوبية على المساعدة فى بسط السلام وتأتي القوات الأثيوبية معتدية عبر الحدود
أخر الأخبار

في البكاء الزائف على بيروت ولبنان

في البكاء الزائف على بيروت ولبنان

 صوت الإمارات -

في البكاء الزائف على بيروت ولبنان

حازم صاغية
حازم صاغية

تباكى على بيروت، وعلى لبنان، كثيرون من أولئك الذين نعرفهم جيّداً. أولئك الذين سرقوه وأولئك الذين تعاقبوا على حكمه بطريقة أقرب إلى السرقة ممّا إلى السياسة. أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، كان الاستثناء الأبرز بين رموز السلطة بالمعنى الواسع لكلمة سلطة. حتّى التظاهر بالبكاء لم يجد مبرّراً له. لقد شغله الاحتفال بذكرى ما سماه «انتصار حرب تمّوز». همُّه دائماً في مكان آخر. ضحكته غطّت وجهه.

خارج دائرة السلطة، وفي العالم العربي أيضاً، شارك في البكاء كثيرون صادقون، وكثيرون كاذبون. الكاذبون هم الذين لم يَكنّوا للبنان أي ودّ، ولم يروا فيه مرّة أكثر من مَعبر إلى هدف آخر وإلى قضيّة أخرى.
هؤلاء رفضوا المعنى الذي رمز إليه لبنان الفكرة، أي افتراض أنّ التقدم يأتي من التعدّد، ومن الصلة بالعالم الخارجي، خصوصاً الغرب الديمقراطي، ومن محاولة الاقتداء بالديمقراطية البرلمانية، مع الحرص على تجنّب الانجراف العسكري المباشر في النزاعات الحربية. في هذه الخانة، يمكن أن نضيف إلى ما مثّله هذا اللبنان تطوّرات متفاوتة ومؤسّسات عرفتها المنطقة في تاريخها الحديث، كالبرلمانات والإدارات التي نشأت وعاشت إلى أن أطاحتها الانقلابات العسكرية، وقبلها شقّ قناة السويس أو إنشاء جامعة أميركية في بيروت. وبالطبع تندرج في الخانة إيّاها الثورات العربية الملوّنة التي طلبت، وما زالت تطلب، الحرية والكرامة الإنسانية.

خصوم هذا المفهوم تبنّوا مفهوماً آخر للتقدّم مفاده أنّ مناوأة الغرب و«التبعيّة» هو المدخل إلى المستقبل والمعنى. لبنان «المتغرّب» بدا لهم شيئاً كريهاً. ألم الشعب الفلسطيني عثروا فيه على ضالّتهم لاستئناف صراع دهري يأبى الحلّ ويحتقر السياسة. أنظمة الاستبداد الأمني التي تعسكر المجتمع وتصبّه في قالب واحد مُحكَم، وفي هويّة نهائيّة ناجزة، بدت لهم شيئاً يتراوح بين التمجيد والتحمّل: بعضهم مجّدها كأداة للخلاص، وبعضهم تحمّلها كضريبة ينبغي دفعها لبلوغ الخلاص. في الحالات جميعاً، كانت هذه الأنظمة مصدر الرصاص الذي يُطلق على لبنان.
منذ نشأة البلد أعلنت تلك العواطف عن نفسها بلا تمويه. في 1925، إبّان انتفاضة سلطان باشا الأطرش في جنوب سوريّا، عبّر عنها خير تعبير «الشاعر القرويّ» رشيد سليم الخوري، العروبي المتحمّس، الذي لم يَرقْه استنكاف اللبنانيّين عن القتال إلى جانب الأطرش:
«لبنان يا لبنان بل ما ضرّني
لو قلتُ يا بلداً بلا سكّانِ».
وهو، للسبب هذا، تمنّى «لأهله»، أهل لبنان:
«الموت المعجّلْ
بحدّ السيف من أيدي الأعادي».
وبسبب طبيعتها الملتهبة، وجدت هذه النزعة أهمّ ملاجئها في الشعر. في 1950 مثلاً، وفي رثائه السياسي اللبناني عبد الحميد كرامي، لم يجد الشاعر العراقي محمّد مهدي الجواهري ما يقوله أفضل من هجاء البلد الذي انتمى إليه كرامي. لقد هجا «عصابة»
«ينهى ويأمرُ فوقَها استعمارُ
واستنجدتْ، ودمُ الشعوب ضمانُها
ورفاهُها، فأمدّها الدّولارُ».
الجواهري الذي عُدّ لسنوات مديدة صديق الحزب الشيوعي العراقي، قضى سنواته الأخيرة في دمشق مادحاً حافظ الأسد. شعوب المنطقة كلّها تتعطّش اليوم لـ«الدولار».
لقد نافست الأشعارَ هذه سخرية بدائية من التحدّث بلغات أجنبية، ومن حريات نسبية حظيت بها المرأة اللبنانية فأُخذت عليها كمأخذ أخلاقي، ومن رخاوة يأنفها الطبع العسكري، وطبعاً من بعض رموز البلد ووطنيّته التي تشبه رموز سائر البلدان، لا هي أفضل منها ولا هي أسوأ. الكلام عن نموذج تعدّدي في الشرق الأوسط يناقض النموذج الإسرائيلي لم يُثر إلاّ القهقهة.
أبعد من السخرية والأشعار كانت الأفكار. أهمّ تلك الأفكار أنّ الانتخابات والحريات والتعليم ومدى حضور الطبقة الوسطى أمور لا تستحقّ أن تُحسَب. ما يُحسَب هو العبور من «الساحة اللبنانية» إلى مكان آخر: قبلاً إلى «تحرير فلسطين»، ولاحقاً إلى نصرة نظام الأسد في سوريّا. جيشان أريد لهما أن يتمركزا في «هانوي العرب»، المقاومة الفلسطينية في الستينات والسبعينات، ثمّ «حزب الله» منذ الثمانينات. أن يتّفق اللبنانيّون على ذلك أو أن يختلفوا ليس مهمّاً، فلبنان ليس إلاّ الوسيلة التي تبرّرها غاية القتال.

لكنّ البلد الصغير شكّل مصدراً لإرباك مزدوج ألمّ بهذا الصنف من كارهيه: ذاك أنّ الذين يرفضون السلاح ليسوا حفنة عملاء وجواسيس، حسب ما يقوله الكلام السهل. إنّهم أكثريّات شعبية تستند مواقفها إلى خيارات صلبة في السياسة والتاريخ ورؤية المستقبل. ثمّ إنّ كراهية لبنان لا تحول دون تفضيله مكاناً للعيش، وبعض العيش هو الفرصة المتاحة للتعبير عن تلك الكراهية. والحال أنّ أكثر الأفكار بؤساً هي التي تعتبر العيش عاملاً لا يُحسب مُفضّلة، لأسباب آيديولوجية، البلدان التي يهرب منها المعارضون (ألمانيا الشرقية والاتّحاد السوفياتي السابقان وكوريا الشماليّة والصين وروسيا اليوم) على البلدان التي يهربون إليها. طلب الحرية وطلب العلم أو العمل أمور لا تستوقف الآيديولوجيّين.

وبالفعل كانت تلك الكراهية آيديولوجيّة بقدر ما كانت بائسة. تباكيها اليوم بائس بدوره، إلاّ أنّ حظّها كبير: فبعدما هزمت ثورة الحرية في سوريا، هزمت حصن الحرية في لبنان. ونحن الآن جميعاً سواسية في الخراب العميم كأسنان المشط. لكنّنا بالتأكيد سنحرّر فلسطين!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في البكاء الزائف على بيروت ولبنان في البكاء الزائف على بيروت ولبنان



GMT 01:36 2020 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

دونالد ترامب ورئاسته - ٢

GMT 01:36 2020 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

نكات عن الاميركيين والبريطانيين والفرنسيين

GMT 01:36 2020 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أبيات من شعر العرب اخترتها للقارئ

GMT 16:36 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

سيطرت روسيا وربحت أذربيجان وتجنّبت أرمينيا مجزرة جديدة!

GMT 16:31 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب إثيوبيا وسؤال السيناريو الليبي!

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 13:21 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 23:23 2021 الأربعاء ,03 شباط / فبراير

حظك اليوم الأثنين 28 شباط / فبراير 2021 لبرج الثور

GMT 07:26 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الكاراتيه المصري على قمة العالم لعام 2019

GMT 17:55 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

موجة صقيع قطبية تضرب الولايات المتحدة وكندا

GMT 19:42 2018 الأحد ,07 كانون الثاني / يناير

11 قتيلاً بانهيار جليدي في كشمير

GMT 19:01 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

صديقة أحمد الفيشاوي الجديدة تثير جدلاً واسعًا

GMT 15:05 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم الخميس 31 ديسمبر / كانون الاول لبرج الجدي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جمي الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
2023 جمي الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
albahraintoday albahraintoday albahraintoday
albahraintoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates